منتديات جفرا الثقافية والأدبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات جفرا الثقافية والأدبية

منتدى خاص ديني أدبي ثقافي تربوي إعلامي
 
الرئيسيةالرئيسية  اليوميةاليومية  أحدث الصورأحدث الصور  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  الأعضاءالأعضاء  المجموعاتالمجموعات  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 رحلة إلى المقابر

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:52 pm


بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأحياء الأموات عما قريب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنتم مدعوون للمشاركة
معنا في رحلة جماعية اجبارية الى المقابر
= بيانات الرحلة
محطة المغادرة : الحياة الدنيا
محطة الوصول : الدار الآخرة
= موعد الاقلاع :
( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا
وما تدري نفس بأي أرض تموت)

= موعد الحضور :
( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)

= المتاع المسموح به :
1) متران من القماش الأبيض
2) قليل من القطن الأبيض
3) حناء وبعض الحنوط
4) العمل الصالح - صدقة جارية - وعلم ينتفع به –
وولد صالح يدعو له

ملاحظة : الوزن الزائد المسموح به خلال الرحلة :
ما تطـوّعت من العبادات

= تعليمات الوصول بأمان
1) طاعة الله تعالى فيما أمربه ونهى عنه في كتابه الكريم
وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم
فيما أمربه ونهى عنه في سنته الشريفة

= ملاحظات هامة لجميع المسافرين
1) يشترط على كل مسافر أن يحمل معه
( لا اله إلا الله محمد رسول الله )
ومن أراد الاستمتاع بالرحلة فليكثرمن ذكر الله والاستغفار والصلاة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

2) للمزيد من المعلومات ولتأكيد سلامة الوصول الى القبر
يرجى الاتصال الدائم بكتاب الله وسنة نبيه
علما بأن الاتصال مباشر وبالمجان

اللهم بلـّغنا الجنة بغير سابقة عذاب-
ولامشقة سفر ومتعنا اللهم بالنظر الى وجهك الكريم
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد أشرف الخلق والمرسلين
هذا البرنامج برعاية الله تعالى

*********

السادة الكرام أعضاء المنتدى والزوار
هذا البرنامج يتكون من ثلاثين حلقة ..
قدمتها خلال شهر رمضان المبارك في العام الفائت
عبر أثير اذاعة الخليل
كما سأقوم بنشره في كتاب في الأيام القادمة
مرفقا ب ( سي .. دي )
بصوتي
وارتأيت أن أقوم بعرضه على صفحات هذا المنتدى الطيب
راجية أن أنال الأجر والثواب من الله تعالى
كما أرجو من السادة المشرفين تثبيت هذا الموضوع لأهميته
علما بأنني قمت بتحضير هذا البرنامج خلال أربعة أشهر متواصلة معتمدة في التحضير على المراجع التالية :

1= القرآن الكريم –
2= رياض الصالحين
3= قوت القلوب في معاملة المحبوب
للشيخ أبي طالب محمد بن علي المكي
4= سراج القلوب وعلاج الذنوب –
للشيخ أبي طالب محمد بن علي المكي
5= مع الأنبياء في القرآن الكريم \ عفيف عبد الفتاح طبّارة
6= ديوان الامام أبي عبد الله محمد بن ادريس الشافعي رضي الله عنه
7= ديوان الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
8= الكبائر\ مؤرخ الاسلام الامام الحافظ شمس الدين الذهبي
9= قصص الصالحين \ الدكتور مصطفى مراد
10= بستان الواعظين ورياض السامعين \أبي الفرج بن الجوزي
11= لا تحزن فان مع العسر يسرا\ محمد عبد العاطي بحيري
12= البداية والنهاية لابن كثير
13= المنامات لابن ابي الدنيا
14= المستظرف في كل فن مستطرف \ شهاب الدين محمد الأبشيهي
15= ثمرات الأوراق للامام تقي الدين بن بكر الحموي
وغيرها

وسأعرض أولى هذه الحلقات على نفس هذه الصفحات بعد أخذ موافقتكم في تثبيته ورؤية ردود أفعال الأعضاء والزائرين الكرام

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:53 pm

ملاحظـــــة هامة (1):

خط سير الرحلة :
من فراش الموت 00 حتى القبر

وستكون الرحلة عبارة عن مشاهد
في كل حلقة مشهد
بدءا من فراش الموت ووصف الموت وسكراته
ولقاء ملك الموت
وخروج الروح من الجسد
وعلى المغتسل وفي النعش
وصولا الى القبر والمبيت بداخله


ملاحظة (2)

يشتمل البرنامج على قصص كثيرة واقعية
من قصص الاحتضار وخروج الروح وعذاب القبر
أرجو لكم جميعا رحلة موفقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:53 pm

المشهد بالمختصر


السلام عليكم أيها الأحياء الميتون عما قريب
سأذهب أنا وأنتم الى المقابر-
والخطاب والنداء في هذا البرنامج موجه للجميع –
رجالا ونساء – شيبة وشبابا – صغارا وكبارا-
ولكنني سأخاطب المفرد المذكر للسهوله –

نعم ان لكل بداية نهاية –
هو الموت لا ملاذ منه ولا مهرب –
فلكل بداية نهاية وبعد القوة يحل الضعف
وبعد الحياة لا بد من الموت –
قال تعالى ( انك ميت وانهم ميتون ) –
أنت الآن على فراش الموت –
يحضرك عزرائيل ملك الموت –
يقف عند رأسك - لقد جاءت ساعتك –
ولا بد أن يقبض روحك –
ها قد خرجت روحك من بدنك
والتقفها ملآئكة الموت-
وصعدوا بها الى باريها – وماذا بعد ؟

هذا أنت الآن يا ابن آدم اصبحت جثة هامدة بلا حرك-
وقد جردت من الثياب والزينة
وما بقي إلا قطعة واحدة من القماش الأبيض
تستر بها عورتك –
أنت الآن مسجى على ألواح خشبية لتغسل وتطهر –

فأين العينان لتبصر وترى ؟
وأين اليدان لتتحرك وتبطش ؟
وأين ذلك الجسد القوي- لقد انتهى –
أنت الآن ممـدّد على لوح وقد جردت من ملابسك –
جسد بلا روح لا حول لك ولا قوة –
الكل حولك يبكي على رحيلك –
فاليوم آخر يوم يراك أهلك ومحبوك –
ومهما بكوك فلا عودة –

هل تدري ما سيفعل بك المغسل الآن ؟
انه يضغط على بطنك ويعتصره ليخرج منه آخر ما كان من طعام في امعائك ؟
ثم يصب عليك الماء ويغسلك المغسل
وأودعوني على الألواح منطرحا******وصارفوقي خريرالمـــــاء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسلني*****غسلا ثلاثا ونادى هلموا اليه بالكفن

ها قد غسلك المغسّل وطهرك من كل قشور الدنيا -
وكفنوك بقماش أبيض لا يزيد عن مترين –
هذا ما خرجت فيه من هذه الدنيا ..
وها هم يربطونك من فوقك ومن أسفلك
حتى لا يتزحزح عنك الكفن ..
وماذا بعد ؟

أنت الآن جاهز لتوضع في التابوت ملفوفا بكفنك –
وفوقك سجادة أو بطانية لتحمل على الأكتاف –
ها قد حملوك -
وها أنت على أكتاف الرجال يذهبون بك الى المسجد –
وهم يهللون ويكبرون –
فاذا كانت الجنازة صالحة أسرعت وكانت خفيفة الحمل على الأكتاف – وقالت قدموني قدموني –
واذا كانت والعياذ بالله غير صالحة
قالت : يا ويلتي أين تذهبون بي ؟
لقد وصلت جنازتك الى المسجد –
الآن توضع أمام المصلين للصلاة عليك صلاة الجنازة –
ويدعو لك الامام بالرحمة والمغفرة
– فرحمة الله عليك –
لقد صرت من الأموات الذين
يترحم الناس على روحه عند ذكر اسمه
- يا لقصر الدنيا !!! –
ويا لهذا العمر الذي مر كلمح البصر
– أرأيت ؟
والان ستخرج مرة أخرى محمولا على الأكتاف من المسجد للذهاب بك الى مثواك الأخير –
ستصل بعد قليل الى مسكنك الجديد – القبر –
فيا لوحشة المنزل الجديد
- القبر –
انه حفرة مظلمة معتمة تملؤها رطوبة الأرض –
لا تدخلها شمس-
القبر – بيت الغربة – بيت الوحشة –
بيت الهوام والحشرات والديدان –
حفرة في الأرض – فمن الأرض خرجت واليها تعود-
انظر الآن الى منزلك وقصرك والفيلا
والتي قضيت عمرك في بنائها
- لم تعد تنفع !! –
انظر وتأمل منزلك الجديد – بيت حقير – اسمه القبر
يا للقبرما أوحشه !!
– انه بيت الغربة –
هذا القبر الذي أبكى الأنبياء
و أخاف الصالحين وأرعب العلماء و المجتهدين –
فهلا بكيت الآن على هذا المثوى –
لقد وصلت جنازتك الى المقابر –
واقتربت من قبرك –
هنيهات وتوضع في القبر
هذا هو قبرك تخيل معي – حفرة في الأرض –
ستترك فيه وحدك – ليس معك أحد من أهلك يسليك
– أنت لآن غريب غريب- في غربة اللحد والقبر –
ليس الغريب غريب الشام واليمن***** ان الغريب غريب اللحد والكفن
الكل يتعلق بك يريد مرافقتك وأنت حي –
والان وانت ميت من الذي يرغب بمرافقتك ؟
لا أحد – حتى أكثر الناس محبة لك وعطفا عليك
لن يرافقك أحد
- هنا ستبقى وحدك –
الان تحمل بين الأيادي وتوضع في قبرك -
سيلقي بك محبوك في القبر بأيديهم
ويغادرونك
وتبقى وحدك –
وحدك !!!
فسبحان الله أتى ابن آدم وحيدا
ويخرج من الدنيا وحيدا –
لا مال ولا ولد ولا زوج –
انما خرج من الدنيا بعمل وكفن .
وماذا بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

توضع الآن على الأرض
دون فراش ولا وسائد ولا مكيف
- وتـُحل عنك الآربطة
ويوجـّه وجهك نحو القبلة –
ويغلق عليك القبر بالطوب -
وتسد منافذ الهواء عنك –
اذا كان قبرك فوق الآرض
فهو غرفة طولها لا يزيد عن مترين
وعرضها لا يزيد عن متر واحد –
واذا كان قبرك محفورا في التراب –
يوضع بلاطة على وجهك ثم يحثى عليك التراب –
ويسوى فوقك التراب -
وماذا بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ها قد سكنت مسكنك الجديد –
وحان الآن موعد مغادرة من أحضروك –
ها أنت تسمع وقع أقدامهم تغادر القبر –
ويروحون عنك – فتحاول اللحاق بهم –
لكنك لا تستطيع !!!-
كل يغادرك ويذهب لحال سبيله
سائلين المولى لك الرحمة والمغفرة –
وتبقى في القبر وحدك بانتظار منكر ونكير
فما عليك الآن إلا الاستعداد للسؤال-
وعليك الاجابة دون تلكؤ ولا تردد –
من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟
تذكر – أنت بالتأكيد تحفظ الاجابة جيدا
ولا تعتقد انك لا تستطيع الاجابة –
ولكن نسأل الله الثبات ؟
فاللهم ثبتنا بالقول الصائب
– انتهى كل شيء –
لم يسكن معك في قبرك إلا عملك الصالح –
وان كان لك ولد صالح يدعو لك ستنال من دعائه خيرا –
وان كنت قد تصدقت بصدقة جارية في حياتك الدنيا يصلك أجرها -
فقط هذه الثلاثة –
وما دون ذلك من زينة الدنيا فقد تركته لورثتك –
انظر الآن بنفسك – ما الذي ينفعك ؟
هل كان للكفن جيوب –
هل أخذت معك شيئا ؟
لا والله – لم تأخذ شيئا –
تركت المصنع والشركة والفيلا والقصر والسيارة
والأموال في البنوك وكل شيء تركته خلفك ؟
فماذا أنت فاعل ؟
أنت الآن في قبرك وحدك
ستبيت على الأرض عاريا لا يفصلك عنها سوى هذا الكفن - وما هي إلا أيام حتى ينتفخ بطنك
ثم ينفجر كالقنبلة بداخل القبر
– ليستمتع الدود بأكلك !!-
فأول ما يبدأ الدود يبدأ بأكل الحدقتين –
وبعدها يأكل ما تبقى من جلدك ولحمك
وكل ما في أحشائك –
وبعد سنوات يذوب العظم ولا يبقى إلا عجْبَ الذنَب –
وعجب الذنب: هو عظمة العصعص-
منها يعاد خلق الانسان من جديد يوم البعث –
وقبل أن أتركك في رعاية الله – أذكرك -
قد يكون القبر روضة من رياض الجنة –
وقد يكون حفرة من حفر النار- فانظر أيها تختار-
= اخي الكريم –
لا تخف أنت لم تمت بعد –
وهذا الميت ليس أنت –
انه واحد من أحبابك الذين سبقوك
ولا بد أنك ستلحق بهم -
فاعمل لتلك الحفرة –وجهز لتلك الرحلة –
فهذه هي مشاهد الرحلة بالمختصر –
وقي الحلقات القادمة سأبدأ بتفصيل المشاهد –
ألقاكم غدا – هذا ان عشنا ليوم الغد ؟ ومن يدري ؟
لا تنسوني من الدعاء –
باذن الله الى اللقاء أيها الميتون عما قريب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:54 pm


المشهد الثاني من مشاهد الرحلة
( حاسبوا أنفسكم .. قبل أن تحاسبوا )




أيها الأحياء الأموات عما قريب -
قبل أن نبدأ بمشاهد الرحلة – لا بد من الاجابة على سؤال - لماذا كان هذا البرنامج –
الغاية الأولى هي الرجوع الى الله تعالى وانا أولكم عن طريق تذكر القبر والموت الذي لا يذكره الناس إلا قليلا وان تذكروه ففي المآتم فقط ولمدة ثلاثة أيام
فما أن ينتهي العزاء بالميت حتى يروح كل لحال سبيله
لا يكاد يذكر الواحد منا من الموت إلا وجه الميت –
وبما أننا سنموت لا محالة اذن لا بد أن من أن نستعد للموت ودخول القبر - ذلك المكان الموحش
وهو آخر محطة ينزل فيها الانسان –
وآخر فصل من فصول حياته –
فبالموت يسدل الستار على آخرمشهد من مشاهد الحياة
ويقطع للمرء آخر خيط له في الحياة الفانية الزائلة-
بعد أن قضى فيها سنين طوال مرت كلمح البصر –


= انني على يقين تام من أن بعض المستمعين–
قالوا ربما بصوت مرتفع وربما في أنفسهم –
ما هذا البرنامج الشؤم – لماذا الموت ؟؟؟
فالكثيرون من الناس يكرهون أن يطرح الموت مادة للحديث حتى أنني كنت ألاحظ أن البعض يغيّر مجال الحديث
خوفا من هذه السيرة المرعبة –
واذا قلت لكم أن الحديث عن الموت وتذكره هو الصواب ونسيانه هو الخطأ- فماذا تقولون؟
وعلى أي حال لكم الخيار فمن أحب منكم أن يحظى بالجزاء فليستمع- ومن كره هذا الحديث فله أن يغلق الاذاعة أو يغير على اذاعة أخرى
أنادي بصوتي وأي صوت ما أقرب الحياة من المـوتْ
كأن أهل الحي في غيّهـم قد أخذواالأمان من الموتْ
كم من صحيح ٍعمّربيتـَه لم يُمـس ِإلاّ خـارب البيتْ
كم وكم حي ٍ بكى ميْتا فأصـبح الحـيُ مع الميْـــتْ
فأهلا بكم مستمعين راغبين وخائفين -
= من منا يضمن أن يعيش ليوم غد ؟
بالطبع لا أحد - فقد لا تصبحُ غدا
فما رأيك أن نقوم أنا وأنت بهذه التجربة ؟؟–
نحاسِبُ أنفسَنا قبل أن نحاسَبَ..
ولكن قبل أن نبدأ بمحاسبة أنفسنا
سأحكي لك هذه الحكاية :
= كان أحد الصالحين محاسبا لنفسه كثيرا
ويُذكر أنه عاش ستين عاما – فحسبَ ذات يوم أيام عمره فوجدها واحدا وعشرين ألفا وتسعمئة يوم
فقال :
يا ويلتي أألقى المليك بواحد وعشرين ألف ذنب
وتسعمئة ذنب ؟؟ فكيف وفي كل يوم أذنب مئة ذنب –
فخرّ مغشيا عليه من خشية الله فاذا هو ميت.


=يقال : إعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا
واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا أليس كذلك ؟؟
= تخيل معي الآن أنك ستموت غدا – فماذا أنت فاعل ؟
الآن أحضرْ ورقة وقلما واحسب أيام عمرك التي مضت
– ثم احسب ساعاتها – واحسب كم ذنبا أذنبت في كل ساعة منها – فتكون بذلك قد أحصيت ذنوبك –
والآن سجل عليها : كم واحد من الناس عرفته في حياتك آذيته فعلا وعليك أن تعتذر منه الآن قبل أن يأخذ من حسناتك يوم الموقف العظيم بين يدي الله –
وتذكر ان الله تعالى يغفر ما بينك وبينه –
أما ما بينك وبين الناس فيؤخذ لهم من حسناتك –
سجل : وكم واحد من الناس عليك أن تطلبَ منه السماح لأنك آذيته بلسانك وأكلت لحمه ميتا ؟
كم مرة آذيت أمك وأغضبتها ؟
احسب كم من الحقوق أكلتها ؟
سجل : كم من قرش حرام دخل بطنك أو أطعمته لأولادك ؟ استرجع من ذاكرتك : كم من انسان مرّ عليك
وازدريته واستهزأت به ؟
كم واحد وصفته بما ليس فيه وافتريت عليه ؟
كم مرة تكبرت وتجبرت وتعاليت على عباد الله
بمالك وحسبك ونسبك ؟ لحظة من فضلك
عندما يأخذ الناس صحائفهم يوم القيامة يجدون قد سجل فيها كل شيء من الأعمال فيتساءلون مستغربين
( ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها )
وقد سأل الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا : أما الكبيرة فعرفناها فما الصغيرة فقال عليه الصلاة والسلام : الغمز واللمز
أرأيت؟؟ اذن وأنت تحاسب نفسك لا تنسى الصغائر أيضا ولا تنسى زلا ّت اللسان !!
وتذكر أن الناس لا يكبّون على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم - وأن عذاب القبر يكون بسبب النميمة –
احسب الآن في كل جلسة تجلسها –
كم من انسان تنمّ عليه ؟
الوقت يمضي ولم يعد لديك الوقت الكافي لكل هذا –
فأنت ما زلت تسترجع الأسماء من ذاكرتك -
فكثيرون هم الذين آذيتهم أليس كذلك ؟
– ياللهول !!!– ما العمل ؟
لا تقل أنك لا تخطيء –
فأفدح الأخطاء أن تعد نفسك منزها عن الخطأ -
الوقت يمضي بسرعة
وأنت بعد لم تنته من ايفاء حقوق العبادعليك
فكيف بحقوق الله
احسب : كم من صلاة أضعتها ؟
كم مرة سمعت النداء ولم تصل جماعة في المسجد
يقول الرسول (ص) : لقد هممت أن آمرَ فتيتي أن يجمعوا لي حزما من حطب ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم )
وكم مرة كنت تملك مؤونة السفر ولم تحج لبيت الله ؟ والرسول يقول : من ملك زادا وراحلة تبلـّغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا )
وكم مرة حال الحول على مالك ولم تؤدِ زكاته للفقراء والمساكين ؟
والرسول يقول : من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثـل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه أي بشدقيه
فيقول : أنا مالك .. أنا كنزك )
وذنوب أخرى وأخرى عليك أن تتوب منها قبل أن تغرغر
انتهى الوقت
انتهى الوقت
انتهى الوقت
فلا مجال الآن لمحاسبة النفس
فربما تموت قبل أن تحاسب نفسك
وان حاسبتها هل ستنجو من الحساب يوم الحساب ؟
لن تنجو ما دمت لا تندم وتستغفر وتتوب قبل أن يحل بك الموت


يا عجبا للناس لو أبصروا وحاسبوا النفس ولو فكروا
واعتبروا الدنيا الى غيرها فانما الدنيا لهم معبـــــــــُر
والموعد الموت وما بعده حشر فـذاك الموعـد الأكبــــر
عجبت للانسان في فخره وهو غـدا في وحشــة يُقبــرُ
ما بالُ من أولـُــــه نطفة ٌ وجيفـــــــة آخــــره يفخــرُ
أصبح لا يملك تعجيل ما يرجـو ولا تأخيــر ما يحــــذر


هلا حاسبت نفسك الآن ؟؟ فلربما لا تعيش ليوم الغد
دمتم في رعاية الله .. لا تنسوني من الدعاء
والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:54 pm

(المشهد الثالث)
( طول الأمل )




أيها السادة الميتون عما قريب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر


لا تخف فأنت لم تمت بعد
– وأمامك فرصة –


أنت الآن حي تتنفس - حي ترزق –
جميل الثياب لطيف الحديث عطر الرائحة


تعيش هانئا سعيدا لا يخطر لك الموت على بال –
تفكر في الدنيا – كيف تجمع وكيف تصرف ؟
وكيف تسافر وكيف تقضي وقتك بكل ما هو ممتع ؟


دون أن يخطر ببالك ولو مرة
كيف ستجيب عن الأسئلة التي ستطرح عليك لاحقا -
تذكر........!
سوف تسأل عن كل دقيقة قضيتها في حياتك


وعن كل فلس جمعته - من أين جمعته ؟وفيم صرفته؟
سوف تسأل عن كل كبيرة وصغيرة -


وحينا آخر يأخذك شيطانك اللعين بوسوساته الخبيثة
أن تقسو على الضعفاء-
ولا ترحم المسكين –
وتأكل حق الأجير الذي يعمل عندك -
ويزين لك ما تصنع –
فتشرب الخمر وتظلم وتسرق وتعصي والديك
ويغرك ستر الله عليك وامهاله لك وتغاضيه عن أخطائك


فتستمع الى الأغاني العابثة وتلهو وتلعب ظنا منك
أنك معمر لن تموت –


أو يقول لك الشيطان مهلا فالعمر ما زال في أوله – ا
لعب كما تشاء واله كما يحلو لك –
العمر طويل وعندما تكبر
تستعد بكامل ما أوتيت لرحلة القبر فعلام الاستعجال ؟
أليس هذا ما تسمعه في نفسك ؟



قد سقاك الهوى شراب الأماني *** فاستطبت المقام تحت التداني
وتصاممت عن نداء الأمانــي *** لاهيا عن وقائـع الحــدثان
واذا عارضتـك خطـرة ذِكـرٍ *** بادأتـك الطبــاع بالنسيان


= ابليس اللعين هذا الذي يسمى أبا كردوس
يمنـّيك ويلهيك ويمنحك طول الأمل بحياة طويلة
خالية من المرض الجسماني الذي قد يقصم ظهرك
فربما بعد حين لا تستطيع الوقوف كي تصلي –
وربما لا يكون معك أموال تتصدق بها
– وربما وربما –
وربما لا يطول عمرك كما كنت تخطط
وربما تموت بعد دقيقة وربما الآن -
الآن ينزل عليك ملك الموت –


فماذا أنت فاعل ؟؟-


كل الخطط قد فشلت ..
لا أنت عشت ولا ما كنت تخطط له قد حصل
ضاع كل شيء – بل انتهى كل شيء


احذر قد لا يتبقى لديك وقت حتى لأن تحاسب نفسك
فلا أحد من البشر يعلم متى يباغته الموت
ولا أحد يضمن أن يعيش دقيقة


عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله
(صلى الله عليه وسلم )
كان بقرب الماء فتيمم بالتراب
فأقول : يا رسول الله ان الماء منك قريب
يقول : ما يدريني لعلي لا أبلغه)


لاحظ الوقت الذي يستغرقه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم )
في تناول ماء قريب منه - انه بضع ثوان لا أكثر -


ومع هذا فهو لا يضمن حياته -
لا يضمن أن يعيش تلك الثواني
فلا تجعل الشيطان يمنيك –
فهذه الأماني كواذب وهذه الوعود رواسب


المرء يخدعنه منـــــاه والدهر يسرع في بلاه
يا ذا الشباب لا تـكــــن ممـــن تعبده هواه
واعلم بـأن المرء مرتهن**بما كسبت يداه
الحمد لله الذي يبقى ويهلك من سواه


تمشي في دنياك يحدوك الأمل
تبني وتعمر على أنك ستعيش طويلا
وتنسى الموت القريب
تبدأ مشروعا وتنهي آخر-
تعود من السفر وتحضر لسفرة أخرى
هذا لا يعني ألا تسعى لرزقك وحياتك
ولكن كل ما تفعله للدنيا فأين الآخرة ؟
تشتغل للدنيا كأنك ستعيش بعمر نوح
وتنسى الموت القريب الذي فوق رأسك كل يوم يلوح


فما أبشع طول الأمل !!


يامن بدنياه اشتغل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
انما الدنيا كظل زائل أو كضيف بات ليلا فارتحل
أو كطيف قد يراه نائم أو كبرق لاح في أفق الأمل


= فما هو طول الأمل ؟


يقول الله تبارك وتعالى


( ألم يأن ِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب
من قبل فطال عليهم الأمد
فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )


فطول الأمل يعني الغفلة عن أن الموت قريب
وبمعنى آخر استبعاد الموت -


ونحن كثيرا ما نستبعد الموت عن أحبائنا
واخواننا وأهلنا أليس كذلك ؟
فكل شيء نتوقعه إلا الموت
ونستبعد الموت عنا وكأننا لن نموت ....!!!


= فعن سفيان الثوري قال :
ليس الزهد في الدنيا بلبس الغليظ والخشن وقلة الأكل
انما الزهد في الدنيا قصرالأمل


= وسؤل آخر : ما أقرب شيء ؟ قال : الأجل
– وسؤل : ما أبعد شيء ؟ قال : الأمل


= روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
ليس بعاقل ولا ذاكر الموت من عد غدا من أجله
فرب مستقبل يوما لا يستكمله – ومؤمل غدا لا يبلغه
لو أبصرتم الأجل ومروره لأبغضتم الأمل وغروره
فيا عجبا للفروع ذهبت أصولها وللنجوم قد آن أفولها


= وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
أنه كان يقول :
أيها الناس ما الجزع مما لا بد منه –
وما الطمع فيما لا يرجى- وما الحيلة فيما لا يزول
وانما الشيء من أصله
وقد مضت من قبلنا أصول نحن فروعها
فما بقاء الفروع بعد اندثار الأصول
– فكل ما آت قريب -
أيها الناس انما أنتم في الدنيا أغراض
تتصل فيكم المنايا ونهب للمصائب
ومعدن للنوائب مع كل أكلة غصة ومع كل شربة شرقة
ولا تنالون نعمة إلا بفراق أخرى
ولا يعمر فيكم معمر لا يهدم آخر من أجله
وأنتم أعوان الحتوف على أنفسكم
فأين المهرب مما هو كائن ؟


فاتقوا الله عباد الله وبادروا للموت الذي منه هربتم –
أدرككم وان أقمتم- يأخذكم وان نسيتموه -
عجبا لمن نسي الموت وهو يرى من يموت -
عجبا لمن يحمل حبيبه في التابوت –
يحمله الى القبر ويتركه ويغيب
كيف ينسى أن الموت آتيه
والله ان أمره لعجيب عجيب




=يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال :
أخوف ما أخاف عليكم اثنان : طول الأمل واتباع الهوى
ألا وان طول الأمل ينسي الآخرة واتباع الهوى يصد عن الحق ؟


= هل ما زلت تحتجب بطول الأمل –
أو ما زلت تستتر بالأماني وتؤمل أن تحيا –
وأنت ترى في كل يوم ميت بل وأكثر من ميت



أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة تمر بي الموتى تهز نعوشها
وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي بقايا ليال في الزمان أعيشها




= فاللهم عافنا من حب الدنيا ومن بلائها
وعافنا من عذاب القبر وقلة الصبر –
وعافنا من طول الأمل وعذاب الآخرة وتوفنا مسلمين


وألحقنا بالصالحين يا أرحم الراحمين
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد




لا تنسوني من الدعاء


ألقاكم غدا بإذن الله تعالى .. هذا ان عشنا ليوم الغد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:55 pm


المشهد الرابع ( أسباب طول الأمل )



السلام عليكم أيها السادة الأموات عما قريب

ومرحبا بكم في المشهد الرابع من مشاهد الرحلة الى المقابر


= لا زلت أخي المستمع أحدثك عن طول الأمل

ولمن فاته ما تقدمت به – طول الأمل معناه : استبعاد الموت -

ترى ما هي أسباب طول الأمل ؟

يقول لله تعالى ( انما اموالكم وأولادكم فتنة )

أي اختبار وامتحان للعبد ليرى رب العزة

هل يشتغل بها عن الله فينساه ويعصيه ؟

والأموال والأولاد كما هو معروف زينة الحياة الدنيا

فتتزين الحياة لنا بالأموال والأولاد

ونحبها ونجري خلفها لاهثين باحثين عن السعادة فيها

ناسين أن حب الدنيا يجرنا الى نسيان الآخرة .


= واعلم أن طول الأمل له سببان أحدهما حب الدنيا –

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة -
لأنه اذا أنس بها واستلذ شهواتها وتعلق بعلائقها

ثقل على قلبه مفارقتها فامتنع قلبه عن التفكر في الموت

الذي هو سبب مفارقة الدنيا ويظل شغوفا بالأماني الباطلة

فيمنّي نفسه بما يوافق مراده وهو البقاء في الدنيا – ف
لا يزال يتوهم هذا ويقدره في نفسه

ويقدر توابع البقاء وما يحتاج اليه

من مال وأهل ودور وقصور وزروع وثمار وسائر أسباب الدنيا

فيصير قلبه عاكفا على تأمين هذا وذاك

فيلهيه كل هذا عن ذكر الموت

ولا يقدر قربه ولا يتوقع حضوره –

واذا حصل وان ذكر الموت أمامه سوّف ووعد نفسه

وقال لها : الأيام طوال طوال والعمر لا يزال في أوله –

أتوب عندما أكبر فاذا كبر

فقال في نفسه : عندما أصير شيخا واذا شاخ

- ولا زال يؤخر ويسوف ولايكاد ينهي شغلا من أشغال الدنيا

حتى ينشغل في آخر –

وهكذا الى أن يفاجأ بالموت

يحضره ويهجم عليه ويأكل عمره ويسرقه من أشغاله وأعماله

التي لم يستكملها بعد –

فلا هو أنجز لدنياه ولا هو استعد لأخراه –

في كل يوم يشيع جنازة ويحملها على كتفه

ولا يدري أنه سيحمل ذات يوم بنفس النعش
ويسير بنفس الطريق ويقبر في قبره وحيدا

ليس معه رفيق ولا صديق ولا حبيب

إلا العمل وان صح ان أسمي القبر لأسميته ( صندوق العمل ) –

= يا من بدنياه اشتغل- وغره طول الأمل

= الموت يأتي بغتة والقبرصندوق العمل

= وجاء في بعض الأخبار أن تحت العرش ملكا ينادي كل يوم وليلة

الويل لمن ترك عياله بخير وقدم على الله بشر .
سؤل أحدهم : أي الاصحاب أوفى ؟ قال: العمل الصالح –

وسئل أيهم أضر وأبلى –قال : النفس والهوى –

قيل له : فاين المخرج ؟ قال : في سلوك المنهج –
فسئل : وفيم ذاك ؟ قال : ببذل الجهد وخلع الراحات

= تذكر

حياتنا صلاة تنتهي بسجدة الموت

وأعجب العجب أن تحب الله ثم لا تحبه –
وان تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة –

وأن تعرف قدر البرح في معاملته وتعامل غيره –

وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له

وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته

= وحب الدنيا ظلمة والسراج لها التقوى

والذنب ظلمه وسراجه التقوى

والقبر ظلمة والسراج لا اله إلا الله محمد رسول الله –

والاخرة ظلمة وسراجها العمل الصالح

والصراط ظلمة وسراجه اليقين



=فحب الدنيا وحب الآخرة كالضرتان لا يجتمعان في قلب
فحب الدنيا يجر المرء الى طول الأمل

والى الغفلة عن قرب أجله وتقريب الموت القريب

أما السبب الثاني فهو الجهل

أما الجهل فيدفع بالفكر الصافي والسماع للموعظة والحكمة

والعبرة ممن ماتوا

فلو دامت الدنيا لغيرك ما كنت أنت فيها-
ولو دامت للخلف لكنت عشت مع السلف

أما حب الدنيا فإخراجه من القلب شديد

وهو الداء العضال الذي أعيا الأولين والآخرين –

وعلاجه الإيمان بالله واليوم الآخر-

والإيمان المطلق بأن الموت حق – والساعة حق –

وما في اليوم الآخر من عظيم العقاب وجزيل الثواب –

فإذا تيقن الإنسان من الموت ارتحل عن قلبه حب الدنيا



= ذكر عن بعض الصالحين أنه قال :

رأيت في المنام رجلا وهو في برية
وأمامه غزالة يجري خلفها وهي تفر منه –
وأسد كأعظم ما يكون خلفه وقد هم أن يلحقه –
والرجل يرد رأسه وينظر الى الأسد فلا يجزع منه –
ثم يجري خلف الغزالة حتى لحق به الأسد فقتله –
فوقفت الغزالة تنظر اليه وهو مقتول –
اذ جاء رجل آخر قد فعل ما فعله المقتول –
فقتله الأسد ولم يدرك الغزالة – فخرج آخر ففعل كذلك -
قال : فما زلت أعد واحدا بعد واحد
حتى عددت مئة رجل صرعى والغزالة واقفة
فقلت : ان هذا لعجب – فقال الأسد : مم تعجب ؟
أوما تدري من أنا ؟ ومن هذه الغزالة ؟
فقلت : لا
فقال الأسد : أنا ملك الموت وهذه الغزالة الدنيا
وهؤلاء أهلها يجدون في طلبها
وأنا أقتلهم واحدا بعد واحد حتى آتي على آخرهم
فاستيقظ فزعا مرعوبا



تأمل في الوجود بعين فكـر ** ترى الدنيـا الدنية كالخيال

ومن فيها جميعا سوف يفنى** ويبقى وجه ربك ذو الجلال

– فان حب الخطير هو الذي يمحق من القلب حب الحقير

فاذا رأى حقارة الدنيا ونفاسة الآخرة كف عن التمسك بالفاني

والتهاون في الباقي

حتى وان أعطي الدنيا بأسرها
فكيف وليس لكل عبد إلا قدر يسير منها

فيفرح بهذا اليسير ويركن اليها وينسى الموت
ويبني القصر ولا يعمر القبر-

– فهو السكن الذي علينا أن نعد العدة لإصلاحه
لأنه المثوى الأخير



= وذكر في بعض الأخبار أن جبريل عليه السلام
هبط على نوح عليه السلام فوجده
قد عمل بيتا من القصب على البحر
فقال : ما هذا يا نوح ؟
فقال نوح عليه السلام : يا جبريل هذا البيت لمن يموت
فقال له جبريل عليه السلام :
لتأتين أمة أعمارهم من الستين الى السبعين
يبنون بيوتهم بالحصى والآجرّ والحجر
فقال نوح عليه السلام :
ما كان على هؤلاء إلا أن يستفّوا الرماد حتى يموتوا




لو كنت تعقل يا مغرور ما برقـت ** عيناك من خوف ومن حـذر

ما بال قوم سهام الموت تخطفهم** يفاخرون برفع الطين والحجر

= فهذا نوح عليه السلام الذي عاش أكثر من ألف سنة

يبني بيته من القصب لأنه يستقرب الموت ويرى أنه يكفيه

والأمة التي تعيش ستين أو سبعين سنة هي نحن

فالواحد منا يبني البيوت ويعمرها وكأنه مخلد فيها
- وكأنه لن يموت أبدا –

فبالله عليك لو علمت أنك ستموت في يوم كذا وكذا

هل كنت تبني وتشيد وتجمع المال ؟
أم تفكر في الموت وماذا تجهز للموت قبل أن تغادر الدنيا بلا رجعة



= قال صالح البراد :

رأيت زرارة بن أوفى بعد موته فقلت :
رحمك الله ماذا قيل لك ؟ وماذا قلت ؟
فأعرض عني قلت : فما صنع الله بك ؟
قال : تفضل علي بجوده وكرمه
قلت : فبأي الأعمال بلغت ما بلغت ؟
قال : التوكل وقصر الأمل .
..... الى هنا

ألقاكم غدا بإذن الله تعالى
هذا ان عشنا ليوم غد ٍ.. لا تنسوني من الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:55 pm

المشهد الخامس
( ألهــــاكم التكــــاثر )





السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

لم ننطلق بعد الى المقابر
ولكنني سأعـّزيكم بأنفسكم قبلها ب ( ألهاكم التكاثر)

قال ميمون بن مهران :
دخلت على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
وهو يقرأ ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر )
فقال : انما يزورون المقابر بالموت
ولا بد لكل زائر أن يعود لوطنه من جنة أو نار

أرضيت دارا لا بقـاء لها ** تعد الشرور وتنصب الفتنا
ما يستقيم سرور صاحبها** حتى يعود سروره حزنـا
عجبا لها لا بل لموطنهـا ** المغرور حين يعدها وطنـا
فالحمـد لله اللطيف بنـا ** ستر القبيح وأظهر الحسـنا



= وقال زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه
قال : كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر )
أي شغلكم التكاثر بالأبناء والأولاد عن ذكر الله وطاعته
واللهو : ما شغل – حتى زرتم المقابر – أي بيوتكم

= وقيل ألهاكم التكاثر في الدنيا : بجمع الحطام واكتساب الآثام
والتمادي في الإجرام .

كم تتناسى القبور يا مغرور حفرٌ ما بها لعاص سرور
وتتعامى عنها وأنت تراها ورحاها على الأنام تدور
فاتق الله حق تقواه واحذر كل هول يخافه المقبور
ودع اللهو والبطالة واعمل للتي عاجلا اليها تصير

= يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لما عـُرض عليه
ما يصيب أمته من بعده من عذاب
ما رؤي ضاحكا مستبشرا حتى قبضه الله تعالى اليه 0

= وهذا زكريا عليه السلام فقد ابنه يحيى ثلاثة أيام
فخرج يلتمسه في البرية
فاذا هو قد احتفر قبرا وأقام فيه يبكي على نفسه
فقال : يا بني أنا أطلبك من ثلاثة أيام وأنت في قبر
قد احتفرته قائم تبكي فيه ؟ فقال يحيى عليه السلام :
يا أبتي .. ألست أنت أخبرتني
إن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين ؟
فقال له زكريا عليه السلام : ابك يا بني – فبكيا جميعا 0

هذا حال نبي الله يحيى-
فكيف بحال ابن آدم الذي يزور القبور لدفن احد الأقارب
ولا نراه يعود بدمعة واحدة –
بل ان البعض يبتعد عن القبر أثناء الدفن حتى لا يرى القبر
ولا يحاول الواحد منا أن يلقي حتى بنظرة على القبر
الذي سينزل فيه ذات يوم ؟

= ويروى عن ابن أبي الدنيا عن حمزة الأعمى قال :
وكنت أدخل على الحسن البصري منزله وهو يبكي
وربما جئت اليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه
فقلت له يوما : إنك تكثر البكاء ؟
فقال : يا بني ما ذا يصنع المؤمن اذا لم يبك ؟
يا بني – ان البكاء داع الى الرحمة –
فان استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل
لعله تعالى أن يرحمك
وتنجو من النار .
وقال : ما هو إلا حلول الدار اما الى الجنة واما الى النار –
ما هناك منزل ثالث

= فمن منا يبكي على خطاياه ؟
ومن منا يبكي خوفا من القبر وما فيه ؟
ومن منا يبكي أن يستبدل نعيمه في الدنيا بجحيم الآخرة ؟
ان بكيت ..
فما تبكي إلا آسفا على عرض من عروض الدنيا الزائلة!!
فتبكي تارة على تجارة خسرت فيها
أو مال ضاع منك
أو قصة حب فشلت فيها
والبعض التافه منا يبكي على قصة فيلم مؤثرة
أليس هذا ما يحدث ؟
أما أن تبكي على صلاة ضاع وقتها منك ولم تصليها فلا
أليس هذا ما يحدث ؟
ألست تأسف على الدنيا الزائلة وتتمسك بنعيمها الفاني ؟
وقد تبكي على واحد من أحبائك أصيب بمرض عضال
وجلس قعيدا في قراشه ينتظر الموت
ومن المؤكد أنك تبكي على قريب لك مات وفارق الحياة ؟

أليس كذلك؟؟؟؟؟

لا تأســـفن على الدنيـا وما فيهـا فالموت لا شك يفنينا ويفنيهــــــا
واعمـل لـدار يكـن رضوان خازنها والجار احمد والرحمن عاليهـــا
من يشتري الدار في الفردوس يغمرها بركعة في ظلام الليل يُحييهـا
أين الملـــوك التي عن حظها غفلت حتى سقاهم بكأس الموت ساقيها
أفنى القرون وأفنـــى كل ذي عمر كـذلك الموت يفني كـــل من فيها
والموت أحدق بالدنيا وزخرفهـــا والناس في غفلة عن ترك ما فيها
لو أنها عقلــت ماذا يـراد بهــا ما طاب عيش لها يوما ويلهيهـــــا
تلهو تأمــل آمالا تسـر بهـــا شـريعة الموت تطوينا وتطويهـــــــــا
تلك المنازل في الآفاق خاويــــة أضحت خرابا وذاق الموت بانيهـــــا

واذا بكينا على ميت غادرنا
وبعد فترة ننسى ما كان وكيف كان

والأوجب ألا نبكي على الميت
ألأوجب أن نبكي على أنفسنا
وعلى أعمارنا التي ترحل من بين أيدينا
ونحن غارقون في اللهو لا نستذكر الموت والقبر
ولا نستذكرالهاكم التكاثر –
بل ونحتفل بالميلاد ونسميه عيدا ونقيم حفلة لذلك
ونطفيء الشموع ونغني له ونهنئ صاحبه بسنة جديدة من عمره
والأوجب في يوم ميلاد أحدنا
أن نأتيه فنعزيه على سنة أخرى ضاعت من عمره
لا أن نبارك له بأنه كبر عاما

= يا أخي انما أنت عدد فاذا ذهب يوم فانما ذهب بعضك

وان كان لا بد أن نبكي فعلينا أن نبكي على أمس
واذا عشنا للغد فعلينا أن نبكي على اليومأن نبكي عل

عجبا للزمان في حالتيــــه وبلاء ذهبت منه اليــــه
رب يوم بكيت منه فلمــــا صرت في غيره بكيت عليــه



= فالعيد لا أن نحتفل بيوم الميلاد
انما كما قال الشافعي لما سؤل عن رأيه في العيد ؟
فقال : كل يوم لا أعصي الله فيه فهو عيد0

= وهذا أحد الصالحين : مات له ولد – فجاء يعزيه أهل المدينة
فقال عجبا !!!!
لو أني أضعت فرضاً من صلاتي ما عزاني أحد
مع أن مصابي في اضاعة صلاتي أعظم من مصابي بولدي –

= أرأيت هذا الصالح الذي يعتبر اضاعة الصلاة أكبر
من ان يفقد ولده ؟
أما نحن فلا نأسف لصلاة راح وقتها
ولا نبكي على ذنب اقترفناه
مع أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) قال : ابك على خطيئتك

بل اننا اذا ما اقترفنا ذنبا
سرعان ما ننسى أليم العقاب من الله تعالى عليه
أما الأولون العارفون بالله تعالى فماذا يفعلون



= هذا الزهري أصاب ذات يوم ذنبا
فاستوحش من ذنبه وهام على وجهه وترك أهله
وجلس باكيا حزينا على ما أصاب من ذنب
لولا أنه التقى بعلي بن الحسين فقال له :
ما قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أعظم من ذنبك 0

= نعم ألهانا التكاثر –
وألهتنا الدنيا وما فيها من تجارة وزروع وأموال وأولاد
عن ذكر الله
بل أننا سرعان ما نصاب بالاكتئاب
اذا ارتحل عنا شيء من نعيم الدنيا
وكثيرا ما نكتئب بسبب معاملة الناس وقسوتهم
أما أن نبكي من خشية الوقوف بين يدي الله فلا –



= يروى عن مولى عمر بن عبد العزيز قال له :
رأيتك البارحة تبكي بكاء ما رأيتك بكيت مثله
قال : فبكى- ثم قال : يا بني
ان والله اذا ذكرت الله الوقوف بين يدي الله عز وجل
قال : ثم غشي عليه فلم يفق حتى علا النهار
فما رأيته بعد ذلك مبتسما حتى مات 0

= ويروى أنه كان يبكي بكاء مرا فسألته ابنه ما يبكيك ؟
فقال : ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه
والله يا بني لقد خشيت أن أهلك وأن أكون من أهل النار

هذا عمر بن عبد العزيز الذي نادى مناد في السماء أن هلموا للصلاة على عمر بن عبد العزيز لما مات -
هكذا يقول !!!!!! فماذا نقول نحن ؟؟؟


سادتي الكرام ..
القاكم بنفس الموعد في الغد بإذن الله تعالى

هذا ان عشنا ليوم غد
لا تنسوني من الدعاء .. رحمة الله عليكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:56 pm

(المشهد السادس من مشاهد الرحلة الى المقابر )
( تبني للخراب )


السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر
مشهد اليوم سيجعلك تعيد النظر فيما تجمع
وفيما تعمر وتشيد
وفيما تلد من البنين والبنات

فما قولك إذا علمت أنك تلد للموت وتبني للخراب ؟
نعم هذا هو حال أهل الدنيا

= فقد روى عن النبي (ص) أنه قال: ما من يوم إلا وملكان يناديان :
يا أهل الدنيا ولدتم للموت وتبنون للخراب وأنتم محاسبون ومعذبون عند ربكم )

لله ملـِك ينــادي كل يوم *** لـدوا للمـوت وابنـوا للخراب
لمـن نبني ونحن الى التراب *** نعود كمـا خلقنـا مـن تـراب
ألا يا مـوت لم أر منك بـدّ ا *** أتيـت فلا تحيـد ولا تحـابـي
كأنك قد هجمت على مشيبي *** كمـا هجم المشيب على الشبـاب

= عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت مع كعب الأحبار
وهو عند عمربن الخطاب رضي الله عنه

فقال كعب : يا أمير المؤمنين
ألا أخبرك بأغرب شيء قرأته في كتب الأنبياء ؟
إن هامةً جاءت الى سليمان بن داود صلوات الله وسلامه عليهما
فقالت السلام عليك يا نبي الله - قال : وعليك السلام يا هامة
أخبريني كيف لا تأكلين من الزرع
قالت : يا نبي الله إن آدم أخرج من الجنة بسببه
فقال : كيف لا تشربين الماء ؟
قالت : ان الله أغرق قوم نوح فيه فمن أجل ذلك لا أشربه
قال سليمان : كيف تركت العمران وسكنت الخراب؟
فقالت: لأن الخراب ميراث الله – فأنا أسكن ميراث الله
قال سليمان: فماذا تقولين اذا جلست فوق خربة ؟
قالت : أقول أين الذين كانوا يتمتعون بالدنيا ويتنعمون فيها ؟
قال سليمان عليه السلام : فما صياحك في الدوراذا مررت عليها ؟
قالت : أقول : ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد ؟
قال : فما لك لا تخرجين بالنهار؟؟ ولا تظهرين الا بالليل
قالت : من كثرة ظلم بني آدم لأنفسهم
قال: فأخبريني : ما تقولين في صباحك ؟
قالت : أقول : تزودوا يا غافلون وتهيؤا لسفركم
سبحان خالق النور
فقال سليمان عليه السلام : ليس من الطيور أنصح لابن آدم وأشفق عليه من هذه الهامة
وما في قلوب الجهال أبغض منها.

= فلا تركن الى دنياك المتقلبة – وكيف تبيع الباقي الغالي بالفاني الرخيص
فيا مسكين أنفقت مالك في بنيان الدور وتشييد القصور
ونسيت الموت والتحول الى ظلمة القبور ثاويا فيها الى يوم النشور
ألا للخــراب بنى العامرونا ** وللموت ما وَلــد الوالدونـا
وعما قليل يرى الآخرون ** عجائب ما قد رأى الأولونـا
ويشقـى أناس بما جمعـوا ** ويســعد بالقلـة الزاهدونا
ولا يرحمون إذا بكوا ولا ** يرتجي الرحمة الظالمونا

= هذا بالتأكيد لا يعني ألا يصلح الانسان من شأن حياته
فان الله تبارك وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
ولكن بشرط ألا يكون هذا العمار لاهيا لك عن ذكر الله
وذكر الموت -

= روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال :
ما من يوم إلا وملك الموت ينادي :
يا أهل الدنيا عجلوا لأن أهل القبور محبوسون من أجلكم
أتركوا ما جمعتم وخربوا ما بنيتم
الويل لكم ان أدرككم الموت على هذه الحالة
زينتم الدور ونسيتم القبور
أذكروا القبر ووحشته
والموت وسكرته
والصراط ودقته
الموت سكرة في سكرة
وحيرة في حيرة وجذبة يا لها من جذبة
فالمسكين يكابد غصص المنون داهش العقل محزون

= وحكي عن بعض السادات أنه قال :
نظر الي بهلول وأنا أبني دارا فقال : لمن هذه الدار ؟
فقلت : لرجل من كبار أهل الكوفة
فقال : أرنيه؟
فأريته اياه - فناداه فقال : يا هذا لقد تعجلت البناية قبل العناية
اسمع الى صفة دار كونها العزيز أساسها المسك وبلاطها العنبر
اشتراها عبد أزف للرحيل كتب على نفسه كتابا
وأشهد على عقد ضمائره شهودا
ولهذه الدار شارع ينتهي الى دار الخلد والسلام
وخيام قد ملئت بالولدان ليس فيها أسقام ولا ضر ولا الآم
ولا يذوق ساكنها سكرات الحمام
يا لها من دار لا ينقضي نعيمها ولا يبيد كريمها
ملئت خيامها بجوار بهن يكمل السرور
ليس لهن سوى الدين والتقوى مهور
قيل وبعد أن قال بهلول هذا الكلام
ترك الرجل داره وتاب الى الله ورجع
وهام على وجهه خارج داره
فناداه بهلول وهو يعدو خلفه ويقول :
يا ذا الذي طلب الجنان لنفسه**** لا تهربن فانه يعطيكا

= حكي عن عباد المهلبي أنه قال :
كان ملك من ملوك البصرة قد ترك الدنيا وما فيها وتعبد
ثم بعد مدة من الزمن
وسوس له شيطانه بترك العبادة فمال الى الدنيا وغرورها
فبنى دارا وشيدها وأمر بفرشها
وأمر أن يصنع طعام كثير ودعا الناس
فجعلوا يدخلون ويهنئونه ويأكلون ويشربون
وينظرون الى بنائه ويعجبون منه.. ثم يدعون له ويتفرقون عنه
فمكث بذلك زمانا حتى اذا فرغ من أمر الناس
أجلس نفرا من خاصة اخوانه فقال لهم :
أترون سروري بهذا القصر؟؟
فقد حدثتني نفسي أن أتخذ لكل واحد من أولادي مثل هذا القصر
فأقيموا عندي أياما أستمتع بحديثكم
فأقاموا عنده أياما يأكلون ويشربون ويتمتعون
اذ سمعوا ذات ليلة بهاتف يهتف وينادي بصوت جهير ويقول :

يا أيهـا الرجـل الناسـي منيتـه **
لاتـأمنن فـإن المـوت مكتوب
على الخلائق ان سروا وان كرهوا **
فالموت حتم لذي الآمال منصوب
لا تبنيـنّ ديـارا لسـت ساكنهـا **
وراجع النسـك كيما تغفر ذنوب

قال : فخرج وخرج أصحابه بعد أن راعهم ما سمعوا
فقال لأصحابه : هل تجدون ما أجد ؟
وهل تشعرون بما أشعر ؟ قالوا : وماذا تجد وتشعر ؟
قال : أجد مسكة على فؤادي وما أرها إلا علة
ثم أمر بالشراب فأهريق وأمر بالملاهي فأخرجت
ثم قال : اللهم اني أشهدك وأشهد ملائكتك ومن حضر من عبادك
أني تائب اليك من جميع ذنوبي
نادم على ما فرطت في الأيام الماضية
ثم اشتدت به العلة فلم يزل يقول الموت الموت
حتى خرجت روحه من ليلته تلك وتفرق عنه أصحابه –

= الناس يبكون على موتاهم
والأجدر أن يبكوا على أنفسهم لا على الميت -
عجبت لجازع باك مصاب*** بأهل او حميم ذي اكتئاب
يشق الجيب يدعو الويل جهلا *** كأن الموت بالشيء العجاب
وأمر الله فيه الخلق حتى *** نبي الله منه لم يحابي
له ملك ينادي كل يوم *** لدوا للموت وابنوا للخراب



الى هنا انتهى مشهد اليوم
ألقاكم غدا بنفس الموعد .. هذا ان عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء .. الى اللقاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:56 pm

المشهد السابع
( تذكر الموت )


= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

= نحن مسلمون
وجميعنا نؤمن بأن الله حق والموت حق أليس كذلك
ولأنه كذلك علينا أن نضع الموت نصب أعيننا
كل دقيقة تمر من عمرنا
وعلينا أن نتخيل أننا سنموت وتخرج أرواحنا من أجسادنا
ونصبح أجسادا هامدة في أي لحظة آتية - ولكن الكثيرين منا للأسف لا يذكرون الموت إلا قليلا-

والشيطان اللعين يساهم في هذا – فكلما ذكرت الموت –
يمنيك الشيطان اللعين أن الموت ليس لك انما لغيرك
ويجعلك متأكدا ان العمر طويل طويل


=أما نبي الأمة فيروي عنه ابن عمران ويقول :
كنت جالسا مع رسول الله (ص) فجاء رجل من الأنصار
فسلم على النبي (ص)
فقال : يا رسول الله – أي المؤمنين أفضل ؟
قال : أحسنهم خلقا- قال : فأي المؤمنين أكيس ؟
قال : أكثرهم للموت ذكرا –
وأحسنهم لما بعده استعدادا اولئك الأكياس ؟

وقال عليه الصلاة والسلام :
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت –
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله 0

والعاجز هنا المقصر الذي يتبع الشهوات ويتمنى على الله أن يغفر له –
وهذا هو الاغترار- وهذا هو الأمن من مكر الله -

فعن معروف الكرخي رحمه الله قال :
رجاؤك الرحمة ممن لا تطيعه حماقة وخذلان



يقول الامام علي :
أحسنت ظنك بالأيام اذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وعن طول الأمل – قال الغزالي رحمة الله عليه :
اعلم أنه اذا طال الأمل هاج منك أشياء :
ترك الطاعة والكسل فيها وترك التوبة وتسويفها ( أي تأجيلها )
والحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا وقسوة القلب
ونسيان الآخرة -

ولكن لماذا طول الأمل يفعل كل هذا؟

بالمختصر اذا أحس الانسان أن عمره طويل
يبقى لديه أمل باصلاح نفسه
وتغيير سلوكه –

ولكن من يدري أنه يعيش للغد أو حتى لما بعد ساعة –

فقد يموت فجأة وهذه الميتة مكروهة للإنسان المؤمن –

أما عندما يمرض الإنسان لكأنما الله يمهد له
بأنه أشرف على الموت ويعطيه فرصة
لذلك يقال إن الجسم الذي لا يمرض يأشر ويبطر0

= وقال : لقد وعظت نفسي بالقرآن والموت0
أخي يا صاحب الأمل الطويل يا ناسي الموت -
قد تتعظ قولا وعلما أما عملا فلا

قد تستمع الى خطبة جمعة من امام المسجد
وهو يحدثك عن الموت وما أن تخرج من باب المسجد
حتى تتلهى بقشور الدنيا –
ولا تعاود الاجتهاد في التزود للآخرة
كاجتهادك في تدبير الدنيا العاجلة
ولم تستح من الله كما تستحي من الخلق
ولم تشمر للقبر كتشميرك في الصيف لأجل الشتاء
وفي الشتاء لأجل الصيف ولو فتشت
عن سبب تمادي النفس في فعل هذا
لوجدت انه الاعتقاد بتراخي الموت واستبعاد هجومه –
مع أنه لو أخبرك الطبيب أنك ستموت بعد شهر
لاستقامت نفسك
ولهزل جسمك ولاستويت على الصراط المستقيم -
تخيل انك ستموت في نهاية هذا الشهر فما أنت فاعل ؟؟
نشدتك بالله تعالى - حاول أن تجيب ؟

= إليك هذه الحكاية : قال الشافعي :
الشحم لا ينعقد مع الحزن والغم ثم قال :
كان بعض ملوك الأرض قديما كثير الشحم لا ينتفع بنفسه –
فجمع الأطباء وقال لهم :
احتالوا بحيلة يخف بها لحمي هذا قليلا –
فما قدروا على شيء فجاءه رجل عاقل وقال للملك : أ
نا سأعالجك – قال الملك : عالجني ولك الغنى – قال :

أصلح الله الملك انما أنا منجم ولست بطبيب –
فدعني أنظر الليلة في طالعك لآرى أي دواء يوافق حالتك
ولما أصبح – قال : أيها الملك أعطني الأمان ؟
فلما أمنه الملك قال له :

رأيت طالعك يدل
على أنه لم يبق من عمرك غير شهر واحد
فاذا أردت عالجتك –
واذا أردت أن تتأكد من كلامي فاحبسني عندك شهرا
فاذا كان قولي صحيحا فخل عني واذا كنت كاذبا فاقتص مني
وعاقبني بالذي تريد – فحبسه الملك –
وبدأ يفكر في نفسه ويقول شهر واحد بقي من عمري
لا بد من أن أصلح من شأني فرفع الملاهي
وتوقف عن شرب الخمر وساعد المحتاجين
واحتجب عن الناس
وخلا مغتما كئيبا حزينا
يلوم نفسه على ما فعل في السر والعلن
وكلما اقترب الشهر على نهايته
زاد حزنه وخوفه من الموت والقبر
وبعد ثمانية وعشرين يوما بعث الملك الى المنجم
وأخرجه من سجنه وقال له : ماذا ترى ؟
قال: أعز الله الملك – أنا أهون على الله من علم الغيب !
والله اني لا أعرف عمري ولا متى سأموت
فكيف لي أن أعرف عمرك
و لم يكن عندي دواء لبدانتك وشحمك
سوى الغم وانتظار الموت –

فمن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
اذا أقبلت كانت على المرء حسرة وان أدبرت كانت كثيرا همومها



= أخي المستمع 00 كل هذه المشاهد وأنت لم تمت بعد

لا زلت على قيد الحياة – ولم تسقط ورقتك بعد !!
ولم يأت ملك الموت ليأخذ روحك ولما يحفر قبرك بعد
هل مررت ذات يوم بالمقابر ورأيت قبرا محفورا؟

هل جربت أن تلقي نظرة
وتتفقد أرضه التي ستلقى عليها ذات يوم
ما رأيك أن تذهب اليوم الى المقابر لزيارة أحد أقربائك

وتنزل في أحد القبور الفارغة وتتخيل أنه مسكنك الجديد

وماذا يمنعك من الاستلقاء فيه؟



= وقد أسمعتكم في المشهد السابق
كيف بات يحيى عليه السلام في قبر احتفره لنفسه فمكث فيه ثلآثة أيام وهو يبكي من هول القبر
ويغيب فيه عن الدنيا ويعيش مشهد الموت
وحيدا بعيدا عن الدنيا وأهلها

= فاذا كان هذا نبي الله يخاف من القبر ووحشته ويحسب حسابا لليوم الذي يكون فيه تحت التراب فكيف بنا نحن

= وهذا سفيان الثوري كان لديه قبرا في منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ( رب ارجعون – رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضا ويقول لنفسه : ها أنت قدر رجعت يا سفيان فماذا أنت فاعل ؟

زرع أعماركم قد أذن بالنفاد ونوم غفلتكم قد أطال الرقاد
فأين الحسرات على فوات الأمس
وأين العبرات على مقاساة ظلمة الرمس-
أين ما أعددتموه ليوم لا تجزي نفس عن نفس؟



أأمل أن أخلد والمنايا يثبن إلي من كل النواحي
ولا أدري إذا أمسيت حيا لعلي لا أعيش الى الصباح

= نعم لعلي لا أعيش الى الصباح –

= أخي المستمع – في المشهد القادم سأحكي لك قصة حقيقية عن رجل ذهب الى المقابر ونام ليلة في القبر –

انتظرونا في المشهد التالي من مشاهد الرحلة الى المقابر في الغد
هذا ان عشنا ليوم الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:57 pm

( المشهد الثامن من مشاهد الرحلة الى المقابر )
ساعة تحت الأرض



= السلام عليكم أيها السادة الأحياء الميتون عما قريب

وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة إلى المقابر
في المشهد السابق حدثتكم عن تذكر الموت وتذكر القبر

وفي هذا المشهد قصة حقيقية يرويها رجل أسرف على نفسه

وعنوان القصة :

( ساعة تحت الأرض تقشعر لها الأبدان )
أرويها لكم على لسانه مع بعض التغييرات التي اقتضتها الضرورة
يقول :

= كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله
أنه احتفر قبراً في منزله
وكان يرقد فيه وإذا ما رقد فيه حتى يحل عليه الظلام
وعاش ويلات ظلمته ووحشته
صاح ( رب ارجعون رب ارجعون )

ثم يقوم منتفضاً ويقول : ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل ؟

= ويكمل راوي القصة

كنت أحافظ على أداء صلاة الفجر في موعدها في المسجد

وحدث مرة أن فاتتني صلاة الفجر فأحسست بضيق في صدري طوال ذلك اليوم

ثم تكرر معي هذا

فقلت : لا بد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها

حتى لا تركن لمثل هذا فيؤدي ذلك بي الى النار

فقررت أن أبيت ليلة في القبر حتى أؤدب نفسي

وأعلمها كيف لا تغفل عن صلاة الفجر
ولأذكرها بأن هذا هو منزلها ومسكنها إلى يوم البعث

وأقسمت أن أفعل وأبيت في القبر هذه الليلة ولا أؤجل ذلك الى الليلة التالية

فلما انتصف الليل قلت لنفسي قومي الآن إلى المقابر
وكان اختياري لهذا الوقت بالذات حتى لا يراني أحد

فتوجهت إلى المقابر وتساءلت : هل أدخل من الباب ؟

لا لئلا يفسد خطتي أحد يراني -
فقررت أن أتسلق سور المقبرة –

واقتربت من السور وصعدته وإذ بي بين القبور–

فدخل الخوف إلى قلبي قبل أن أدخل القبر مع أنني كثيراً ما دخلت المقبرة كمشيع
ولكنني أحسست وكأنني لأول مرة أرى القبور
ورغم أنها كانت ليلة مقمرة إلا أنني أقسم :
ما رأيت أشد سواداً منها تلك الليلة

– كانت ظلمة حالكة -

سكون رهيب لا يقطع هذا السكون
سوى أصوات بعض صراصير الليل
سكون فظيع هذا هو صمت القبور بحق !
أما رائحتها فلا يخطئها أنفي

فيها رائحة الموت – رائحة الحناء وبعض روائح المسك
التي تصب على بعض الموتى قبل دفنهم -
شعرت بتعب دونما أتعب

فاتكأت على السور وأنا أتلفت حولي

ونبضات قلبي تتصاعد وتعلو وصدري يكاد ينخلع من مكانه
قلت في نفسي : الرحمة يا رب الرحمة
واني والله لأشعر بملك الموت قريباً مني
يريد أن ينقض علي وينهش مني روحي

فجلست إلى نفسي أحادثها للحظات ريثما تهدأ

مرت علي كالسنين – إيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ه أيتها القبور – ما أشد صمتك !

وما أوحشك !
وما أقسى ما تخفيه تحتك !
ضحك ونعيم – عذاب وبكاء وعويل –
آه ما أصعب ما قررت !!!

هل أتراجع ؟
لا والله لن أتراجع
قمت من فوري وسرت بين القبور –لأجد قبرا فارغاً أبيت فيه –

ها قد وجدت – هذا القبر لي

الآن سأدخل فيه بسرعة حتى لا يراني أحد
ويقال عني مجنون

فلا أحد يصدق أني أعاقب نفسي لأني أضعت صلاة الفجر

وقبل أن أدخل القبر قلبت بصري يمنة ويسرى
واذا بقبور مفتوحة تنتظر ساكنيها

وقبور أخرى سكنها أصحابها

تأملت القبور الممتلئة بأصحابها
وراودتني أسئلة متتالية متسارعة

لمن هذا القبر؟؟
لعله لرجل كان في عز شبابه أضاع عمره
في الاستماع الى الأغاني
وغره شبابه وفي لحظة مرة داهمه الموت

فلم ينفعه الشباب في شيء
وهذا لعله قبر رجل ضيع صلاته مثلي

وهذا القبر لعله لرجل أعمال جمع من الأموال ما جمع
ولم تغن عنه أمواله شيئا - وهذا وهذا ؟؟؟؟؟؟؟؟
أرجعت بصري أرضا ونظرت إلى قبري

وقلت : سبحان من قهر عباده بالموت

ولشدة خوفي قلت في نفسي سأجلس خارجه قليلاً
حتى تسكن أعصابي

كثيراً ما رأيت القبور ولكن هذه المرة تختلف
– لها طعم آخر –
لحظة وأحسست همهمة وكأن شخصا يتنفس في أذني –
قلت هو اذن ملك الموت

رفعت بصري ولا أرى إلا قبورا وخيالات سوداء

وكأن أهل القبور خرجت تستقبلني – أين أذهب ؟
أين سأهرب – ومم أهرب ؟

وكأني أسمع نفسي تصيح بي : يا مجنون
كيف تجرأت ووصلت الى هنا ؟

هذا هو القبر هيا اهبط فيه –
ألست أنت من أقسمت أن تبيت في القبر الليلة ؟
انزل لا بد أن أبر بقسمي وأبيت الليلة في القبر
جلست القرفصاء وبذا اقتربت أكثر فأكثر من القبر

تأملته وتساءلت : سبحان الله

كيف تكون هذه الحفرة الصغيرة روضة من رياض الجنة
أو حفرة من حفر النار ؟
هل الطقس بارد ويزداد برودة أم أنها قشعريرة الموت
او هو الإحساس بالموت؟
أسمع صوت رياح – ما هذه الريح ؟

لا أرى ذرة من غبار ؟ ما الذي أسمع وما الذي أحس ؟

يجب أن انزل القبر ولم أتيت إلى هنا أصلاً ؟
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ومن وسوساته اللعينة

وشمرت عن ثيابي – وهبطت إلى القبر وقلبي يختلج
يكاد ينخلع من صدري – ومددت نفسي داخل القبر –
والصقت نفسي بجدار القبر لا أدري أحتمي من ماذا ؟

أنا لست جباناً لكنني شعرت بالخوف حقاً -
كل هذا وأنا مغمض العينين –

فتحت عيوني وأزحت بصري إلى الناحية الأخرى

فإذ بي أرى جداراً من تراب تتحرك فيه ديدان سوداء

تقلبت على ظهري ورفعت بصري إلى أعلى

فلم أر إلا سقفاً من تراب لا يكاد يرتفع عن وجهي بضع سنتمترات

فقلت : ماذا لو انهال علي التراب فجأة ؟

يا لشدة الموقف !!
إنه المكان الذي لابد منه – وبدأت أفكر .........

سبحان الله ننام على فراش وثير وهذه هي النهاية

نريد أن نحصل على كل شيء في الدنيا وهذه هي النهاية

لاشيء لا شيء

إلى الذين يتنازعون على الدنيا وما فيها هذه هي النهاية
تعالوا شاهدوا بأم أعينكم – هذا هو القبر-
وأردد بصوت خافت يا أهل القبور مالكم لا تسمعون ؟؟
أين أصواتكم التي كانت تجلجل ؟

تركتم صلاتكم وتنازعتم على مال الدنيا هل تنفعكم الآن ؟

هل تغنيكم عن هذه الرقدة ؟

آثرتم الغناء على القرآن –

صمت للحظة أتفكر بصمت يتناسب وصمت القبور الرهيب

كيف سيأتي منكر ونكير ؟ من أي ناحية سيأتياني ؟
كيف سيكون الحساب ؟
ما هي ضمة القبر ؟ وكيف يكسر الأضلاع ويتداخل فيها ؟

آه ما أجهلنا نستاء من طعام لا يتوافق مع شهيتنا

ونصير نحن أكلة دسمة لهذا الدود الذي
أراه يخرج من بين التراب

يريد أن يسبح على جسدي

فكرت أن أنظر الى القبر المجاور فخفت أن أرى عينين تلمعان
في الظلام وتنظران الي
فقررت ألا أنظر الى الناحية المجاورة

فليس بي شجاعة أن أزيح بوجهي من شدة الخوف
فما زال القلب ينبض بشدة –
وضعت يدي على صدري

وتخيلت نفسي محمولاً في النعش وأصحابي يسيرون بي

ويدخلونني القبر ويرشون الماء عى التراب فوقي
تخيلت رجلاً كبير السن من أهلي
وقبل أن يتركوني وحيداً في قبري

يقول : توقفوا لحظة أدعو لصاحبكم فإنه الآن يسأل

وراح فكري هنا وهناك - وبكيت إلى ما شاء الله أن أبكي

ويكأني غبت عن الدنيا وما فيها لأكثر من ساعة

وأنا أتفكر في الموت –

وما صحوت من غفلتي إلا والدود قد بدأ يمشي علي

وكأني أقول له – مهلاً – أنا لست ميتا لتأتي علي تأكلني

اهتز جسمي وقلت رب ارجعون رب ارجعون

فأدركت أني على قيد الحياة

نهضت من مكاني ونفضت ملابسي مما علق بها من تراب
ودود وغيرها

وغادرت المقبرة وعدت إلى بيتي أردد قول جبريل عليه السلام
للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

( عش ما شئت فإنك ميت
وأحبب من شئت فانك مفارقه
واعمل ما شئت فانك مجزي به )




انتهى المشهد

ألقاكم غداً بنفس الموعد بإذن الله تعالى

هذا إن عشنا ليوم الغد

السلام عليكم

لا تنسوني من الدعاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 10:58 pm

(المشهد التاسع)
( ذكر هاذم اللذات )

= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب

ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

= الموت : كلمة مرعبة حقا ––
والموت نقيض الحياة وقد ذكر الموت في القرآن
فهل تذكره حقا كلما مررت بآية فيها لفظ الموت
وليس للموت اسم واحد
بل له أسماء عدة فالمنية والوفاة والنهاية والأجل وغير ذلك اذن أنت تسمع بالموت هو يعرفك ولكنك لا تعرفه
فلا زلت أخي المستمع على قيد الحياة فلم تمت بعد
ولكني أود أن أعزيك قبل وفاتك بتذكر الموت
لا لشيء بل لقسوة في قلبك
فالقلب القاسي لا يدخله الخشوع ولا يغمره الخوف من الله تعالى ولا يحسب حسابا للحظة يقف فيها بين يديه
ولا تعتقد للحظة أن تذكيري لك بالموت
لا سمح الله لأغم بالك وأنكد عليك عيشك
ولكني أعمل بنصيحة عائشة رضي الله عنها
فقد روي أن رجلا جاء الى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقال : يا أم المؤمنين ان بي داء فهل عندك دواء ؟
قالت : وما داؤك ؟
قال : القسوة
قالت : بئس الداء داؤك
عدْ المرضى واشهدْ الجنائز وتوقعْ الموت .

فها هو تذكر الموت علاج لقسوة القلب
فمن ذكر الموت رق قلبه وانفطر حزنا على أيامه

فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه قال : ما أكثر رجل من ذكرالموت إلا زاد ذلك في عمله )

فذكر الموت ليس للسلوى ولكن لشد الحزام
والاستعداد للهبوط الى القبور
فقد أقلعنا في الدنيا بما فيه الكفاية
ورحلنا فيها شرقا وغربا
وتنعمنا بنعيمها زيادة وكفاية
وحان الآن موعد الهبوط على تراب الأرض
والغوص في قعرها في قبر سيحفر لنا فيها
استعد الآن للهبوط واعمل

اشدد حيازيمك للموت** فان الموت آتيك
ولا تجزع من الموت ** اذا حل بواديك

وتذكيري لك بالموت لتترك الرغبة في حطام الدنيا الفاني
وتتمسك بما هو باق

فيا عجبا منك يا ابن آدم تبيع الغالي بالرخيص
وتستبدل الباقي بالفاني

= وروي عن عمرو بن مرة أنه قال :
ذكر رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأثنوا عليه
فقال عليه السلام : كيف زهده في الدنيا وتركه لما يشتهي منها؟ قالوا : انه ليصب منها
قال : فكيف ذكره للموت؟
قالوا : ما سمعناه يكثر ذكره
قال : ليس صاحبكم هناك
فمن لا يكثر ذكر الموت ولا يترك الرغبة في حطام الدنيا
فلا خير فيه)

= وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
تركت فيكم واعظين ناطقا وصامتا
فالناطق القرآن والصامت الموت )

فمسكين من لا يقرأ القرآن ويتعظ بما جاء فيه
ومحروم من لا يتعظ بالموت
وما فيه من سكرات وغمرات وآلام وأوجاع

= مسكين ابن ادم فلا بالقرآن عمل ولا بالموت تفكر
فمن أين له الموعظة بعد هذا
يمسي ويصبح وقلبه معلق بعلائق الدنيا
وما عنده للموت من خبر ولا هو منه على حذر
وكأن الموت بعيد بعيد
قلبه خال من الخوف من الرحمن
عامر بوساوس الشيطان وما يسليه إبليس بفرح في دنياه
كأنه قد ضمن غدر الليالي وطوارق الأيام

انا بالدهر عليم ** وأبو الدهر وأمه
ليس يأتي الدهر ** يوما بسرور فيتمه

= ويروى أن رجلا دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له : أوصني
قال : أوصيك بثلاث : أن تحفظ آلاء الله عليك في كل حالة كنت
وأن تذكر اطلاع الله عليك في كل حالة كنت
وأن تذكر الموت ودخول القبر في أي حالة كنت


= نسيت أن أقول لك أن الموت يلقب بهاذم اللذات
فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
أكثروا ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات
وتوسدوه اذا نمتم واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم
واعمروا به مجالسكم فانه معقود بنواصيكم
فالموت نعيمكم
ويخرب مصانعكم ويفنيكم كما أفنى من كان قبلكم
فلا تنسوه فانه لا ينساكم
ولا تغفلوا عنه فانه ليس بغافل عنكم

= ما أحسن حال من ذكر الموت فعمل لخلاصه قبل الفوت
وأشغل نفسه بخدمة مولاه وقدم من دنياه لأخراه
ورغب في دار لا يزول نعيمها ولا يهان كريمها

الموت لا شك آت فاستعد له ** ان اللبيب بذكر الموت مشغول
فكيف يلهو بعيش أو يلذ به ** ن التراب على عينيه مجعول

=وقيل للربيع رحمة الله عليه : ألا تجلس معنا نتحدث؟
فقال : ان ذكر الموت اذا فارق قلبي ساعة فسدّ علي قلبي

= وروي عن عيسى عليه السلام أنه قال :
ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تراب الأرض
التي يموت فيها

أمر على المقابر كل حين *** ولا أدري بأي أرض قبري
وأفرح بالغنى ان زاد مالي ** ولا أبكي على نقصان عمري

= وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنه ذكر الموت وغمه وكربه فقال :
هو أشد من ثلاثمئة ضربة بالسيف .
فيا معشر الموقنين بنزوله - ما هذا الفتور والشعور بالفترة وما أشد هذه السكرة ؟
من ذكر الموت قل فرحه وزال حسده وتلاشت رغبته .

= وروي أيضا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنه كان اذا رأى فترة أو غفلة من الناس
وقف بباب المسجد فأخذ بأعضاد الباب ثم صاح بأعلى صوته
( يا أيها الناس الموت الموت
جاءكم الموت بالوحي سعادة أو شقوة
جاءكم الموت بما جاء به الروح والراحة والكرامة الرابحة
في جنة عالية لأولياء الله من أهل دار الخلود
الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها
ألا ان لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت
جاءكم الموت بما جاء به بالخزي والندامة والمكرمة الخاسرة في نار حامية لأولياء الشيطان من أهل دار الغرور
الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها
ألا ان لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت
فسابق ومسبوق )

ولله در القائل :

دنيا تحول بأهلها في كل يوم مرتين
فغدوها لتجمع ورواحها لشتات بين

= هذه هي الدنيا صلاة تنتهي بسجدة الموت
وهذا هو الموت مفرق الأحباب مشتت شمل الجماعات
فعليك بذكر هازم اللذات ومفرق الجماعات
فان ذلك علامة من علامات انشراح الصدر للاسلام
فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى ( فمن يرد أن يشرح الله صدره للاسلام ) قال : اذا دخل النورالقلب انفسح وانشرح )
قالوا : هل لذلك من علامة يعرف بها ؟
قال : الانابة الى دار الخلود والتنحي عن دار الغرور
والاستعداد للموت قبل الموت )

فبعد كل هذا
هل لك أخي المستمع أن تذكرالموت

= فاجعل الموت نصب عينيك واحذر غولة الدهر ان للدهر غولا


والسلام عليكم أيها الميتون عما قريب
راجية لكم الرحمة من مولاكم
لاتنسوني من الدعاء
القاكم في الغد القريب باذن الله هذا ان عشنا ليوم الغد






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:00 pm

المشهد العاشر
( هاذم اللذات ومفرق الجماعات )

في هذه الحلقة سنعرض لكم المشهد العاشر
من مشاهد الرحلة الى القبر

= الموت هادم اللذات وهازم اللذات ومكدر اللذات
انه يهدم ويهزم ويكدر كل لذة قد يشعر بها الانسان في شريط حياته –

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان في بيت بعض نسائه اذ سمع صوتا في مجلس من مجالس اصحابه – وقد استعلى على حديثهم الضحك-
فخرج عليهم صلوات الله وسلامه عليه حتى قام على رؤوسهم
فقال : أرى الضحك قد غلب على مجلسكم هذا –
أفلا تذكرون مكدر اللذات في أثناء حديثكم ؟
قالوا: وما مكدر اللذات يا نبي الله؟
قال : ذكر الموت فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجمعهم .

فاذا كان أصحاب رسول الله مصابيح الاسلام
وقادة الأنام قد تحول ضحكهم الى بكاء من هول يوم الحمام

أصحاب الرسول صلى اللله عليه وسلم
يخافون الموت ويبكون هلعا وذعرا

وهم الذين قضوا أعمارهم في طاعة الله
وقطعوا أيامهم في العمل بالسنة والاحكام –

فكيف بنا وقد تمادينا بالمعاصي والآثام

الموت في كل حين ينشر الكفنا ** ونحن في غفلة عما يراد بنا

لا تطمئن الى الدنيا وزهرتها ** وان توحشت من أثوابها المحنا

أين الاحبة والجيران ما فعلوا ** أين الذين همو كانوا لنا سكنا

سقاهم الدهر كأسا غير صافية** فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا

= الموت ليس فقط هازم اللذات
انه مفرق الجماعات أيضا –
فكم فرق أحبة وكم باعد بين أصدقاء وكم شتت أم عن ولدها وأب عن ابنته
وكم من جماعة فرق بينهم

فالبعض فوق التراب والبعض تحت التراب
فرق جمعهم وشتت شملهم
وكم يتم اطفالا – ورمل نساء ورجالا

هذا هو الموت الذي نسيتموه
تجمعتم واحتفلتم ونسيتم أنه يفرق ويمزق 0

= يروى أن سعيد بن المسيب دخل يوما مسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجعل يلتفت في أركان المسجد
يتفكر فيمن أدرك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ثم بكى وأنشد :

ألا ذهب الحماة وأسلموني ***فوا أسفا على فقد الحماة

فأجابه هاتف من ركن المسجد بصوت محزون
ومن كبد مشجون وهو يقول :

فدع عنك الثقاة فقد تولوا *** ونفسك فابكها حين الممات

فكل جماعة لا بد يوما *** يفرق بينهم وقع الشتات

فقال سعيد : من أنت فقد زدتني حزنا على حزن ؟
فقال : أنا من مؤمني الجن كنا في هذا المسجد سبعين رجلا

فأتى الموت على جماعتنا كما أتى على جماعتك
ولم يبق منهم غيري كما لم يبق غيرك من الانس
وانا بهم لاحقون
فانا لله وانا اليه راجعون

جرت الرياح على جميع ديارهم*** فكأنما كانوا على ميعاد
فأرى النعيم وكل ما يلهى به*** يوما يضير الى بلى ونفاد


والآن لا بد أن تسأل نفسك : لمن أجمع مالي ؟
لم لا أتصدق بها ؟
لمن أبني وأعلي في البنيان ونهايتي بيتا تحت الأرض
لا تتجاوز مساحته مترا في مترين

ماذا ستفعل في الشهادات والشركات ؟

هل تغنيك عن سؤال القبر؟

هل أموالك التي جمعتها ستجيب عنك
أم هل ستدفع عنك الشجاع الأقرع ؟
هل توسع عليك القبر ؟
وهل تنير ظلمة القبر؟
هل تدفع الدود الذي أول ما يبدأ بالأكل يأكل الحدقتين
بالتأكيد لن تغنيك
والآن
ارجع بذاكرتك الى الوراء
وعد على أصابعك كم من الناس ماتوا وهم في آخر مرحلة
من مراحل انجاز مشاريعهم الضخمة
كم من الناس ماتوا وهو يعدون أملاكهم
ويحسبون حساباتهم المالية

وكم من الناس ماتوا بسب ضغط العمل الدنيوي الفاني

يا أيها الناس كان لي أمل*** قصر عن بلوغه الأجل
ما أنا وحدي نقلت حيث*** تروا كل الى مثله ينتقل
فليتق الله ربه رجل *** أمكنه في حياته العمل



فهذا الشاب كان له أمل
ولكن الأجل حال دون تحقيق الأمل

وهذا الشاب لم يبق لديه سوى يوم واحد
ويناقش رسالة الدكتوراة
فيأتيه الموت يتخطفه ليلا ولا يستفيق أبدا

وهذ ا آخر بنى بيته وعمره وأثثه بأجمل الأثاث
ولكنه لم يسكنه ولم يستمتع بما شيد وعمر
لأن ملك الموت كان ينتظره حتى يفرغ من بناء بيته

وآخر جهز جهاز عروسه وحضر بدلة العرس
وحجز الصالات ونحر المواشي للمدعويين
ومات من ليله ولم يصبح فتزفه أمه الى القبر
وبدلا من أن يقام الفرح أقيم المأتم – وغيره وغيره

هذه هي الدنيا : حلالها حساب وحرامها عقاب

عسلها مشوب بسُم
وفرحها موصول بغم
وسعادتها مذيلة بهم
بالله عليك أليست دنيانا هكذا تعطي ومع العطاء تأخذ

فلو يكن شيء سوى الموت والبلى ** وتفريق أعضاء ولحم مبدد
لاشتغلت دوما يا ابن آدم بالبكا **على نائبات الدهرمع كل مسعد


= ورحم الله القائل : الدنيا دار قلق
رغب عنها السعداء
وانتزعت من أيدي الأشقياء
فأشقى الناس بها أرغب الناس فيها
وأزهد الناس فيها أسعد الناس بها

هي الغواية لمن أطاعها
المهلكة لمن اتبعها
الخائنة لمن انقاد لها-
علمها جهل
وغناها فقر- وزيادتها نقصان وأيامها دول.


= أما الحسن البصري يرحمه الله أوصى رجلا فقال له :
أما بعد قاني أوصيك بتقوى الله والعمل بما علمك الله
والاستعداد لما وعد الله مما لا حيلة لأحد في دفعه
ولا ينفع الندم عند نزوله
فأحسر عن رأسك قناع الغافلين
وانتبه من رقدة الجاهلين وشمر الساق
فان الدنيا ميدان مسابقة والغاية الجنة أو النار

= فاذا حلت بك السعادة فلا تغتر بالدنيا
وتطمئن وتنسى الموت
واذا حل بك الشقاء فلا تيأس ولا تقنط -

= والقبر دار وسطى بين الحياة والموت
يقضي فيه الانسان ميتا حتى قيام الساعة
ينتظر فيه نفخة البوق حيث تعود الأرواح الى الأجساد
وتقوم الناس من قبورها للوقفة بين يدي رب العزة ل
يحاسب المرء فيها على الكبير والصغير
فقل لنفسك ما قال هذا:

اعمل لمثواك في الضريح *** واندم على فعلك القبيح

ولا تقصر وفيك روح *** فسوف تبقى بغير روح

واقرح الخد من دموع *** بالجد من قلبك القريح

والتمس الصفح قبل يوم*** تنقل فيه الى الصفيح

يا نفس اني غدا طريح *** والتراب يحثى على الطريح

نوحي فلو قد حواك قبر*** لم تقدري فيه أن تنوحي

= فاللهم أحسن خاتمتنا ولا تجعل الموت مفرقا لجماعتنا
إلا على خير يا أرحم الراحمين
وأحسن مساعينا
وأحسن خاتمتنا
وهون علينا الموت وشدته والقبر وظلمته
برحمتك يا أرحم الراحمين

ألقاكم غدا في المشهد التالي
من مشاهد الرحلة الى المقابر

هذا إن عشنا ليوم الغد

لا تنسوني من الدعاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:00 pm

المشهد الحادي عشر
( كل نفس ذائقة الموت )



بسم الله الرحمن الرحيم
( كل نفس ذائقة الموت )
قيل : لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة :
متنا وعزة الله – فعند ذلك أيقن كل ذي عقل وروح أنه هالك – نعم –
كل مخلوق له جسد وعقل وروح لا بد أنه هالك
يموت الصغير والكبير
الأمير والوزير يموت كل عزيز وحقير وكل غني وفقير يموت كل نبي وولي
وكل نجي وتقي
يموت كل زاهد وعابد وكل مقر وجاحد
يموت كل صحيح وسقيم وكل مريض وسليم
كل نفس تموت غير ذي العزة والجبروت
ألا كل مولود فللموت يولد *** ولست أرى حيا عليها يخلد

= وحكي عن بعض العباد أنه كان يصلي
فقرأ الآية ( كل نفس ذائقة الموت) وجعل يتدبرها ويرددها
فسمع قائلا يقول : يا هذا الى كم تردد هذه الآية ؟
فوالله لقد قتلت بها أربعة من الجن ما رفعوا رؤوسهم إلى السماء قط حياء من الله تعالى ولقد ماتوا من ترديدك هذه الآية

الموت لا والداً يبقي ولا ولداً ***هو السبيل إلى أن لا ترى أحدا
مات النبي فلم يخلد لأمتــــــــه*** لو خـلد الله حيـاً قبـــله خلــدا
للموت فينا سهام غير مخطئة *** من فاته اليوم سهم لم يفته غدا
ما ضر من عرف الدنيا وغدرتها *** ألا ينافس فيها أهلهــا أبــدا

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال :
أفخر بيت قاله شاعر :
ألا كل شيء ما خلا اللهَ باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

= قال عبد الله بن مسعود إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة
وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة
فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد خيراً ومن زرع شراً
فيوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع
لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص مالم يقدر له

اذن الموت يأتي بغتة
أي يباغت الجميع ولا أحد يتوقع موعد خروج الروح من الجسد
ولكن المريض مرضاً شديداً يكون قد أعطي إنذاراً وهذا من حسن حظه
فيكون الموت إليه أقرب من الحياة
أما الموت المفاجئ فهذه الميتة مكروهة للإنسان لأنه لا يعطي الفرصة في التراجع
ولا مجال فيه للتوبة اذا كان الإنسان عاص لربه
فاللهم انا نستعيذ بك من موت الفجأة .

= ويقال : ان للموت عدة إنذارات تأتي على الإنسان لكنه لا يتذكر الموت عندها
فأولها : الشيب – وقد قالت العرب : الشيب ناعي – أو شيبك ناعيك
فشيب الرأس علامة من علامات الضعف
واشارة الى أن الانسان قد دخل مرحلة جديدة من مراحل حياته ينبغي فيها أن يبدأ بتصحيح ما فات والندم عليه .

= وقد جاء في بعض الكتب :
أن مناديا ينادي من السماء الرابعة كل مساء
أبناء الأربعين ماذا قدمتم ؟ أبناء الخمسين زرع دنا حصاده
أبناء الستين قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم
وأتتكم الساعة أي حضرت وفاتكم – لأن الانسان تقوم قيامته عند وفاته
وهي مرحلة الخروج من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ في انتظار الساعة .
وثاني هذه الإنذارات: المرض والعجز اللذان يذكران العبد بالضعف
فقد روي أنه سؤل الشافعي : لماذا تدمن إمساك العصا ولست بضعيف ؟
قال: لأذكر أني مسافر من الدنيا

= وبنفس المعنى قال أبو محمد الجعفري :
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها*** علي ولا أني نحلت من الكبر
ولكنني ألزمت نفسي حملها*** لأعلمهــــا أنــــي المقيـــــــم على سفر
هذا وفي عيادة المريض ذكرى وإنذار للإنسان الصحيح بأن المنية قريبة من أي إنسان
فهذا المريض الذي عدته كان قوياً متماسكاً لكن المرض أقعده وأضعفه وأبلى جسده

= فعن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال :
إن الله تعالى يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟
قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده
أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده
يا ابن آدم استطعمتك ولم تطعمني
قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين
قال : أما علمت أنه استطعمت عبدي فلان فلم تطعمه
أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني
قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟
قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو أسقيته لوجدت ذلك عندي.

= فهل منا من يتعظ بالمرضى عند زيارتهم
وهل منا من يتذكر أن هذا المرض إنما هو إنذار من رب العالمين للعبد
فقد روي أن مرض الأجسام للمتقين ومرض القلوب للفجار
فعندما يمرض الإنسان أو يعاني من علة اعتل بها وآلمته عليه أن يعرف أنما هذا للذكرى
حتى يذكر أنه مسافر من الحياة الدنيا الى الحياة الآخرة

= نعم كل شيء هالك ومنته وفان إلا وجهه الكريم
كل ما على الأرض مآله الى الزوال والانتهاء إلا هو الأزلي الدائم الموجود
والباقي إلى الابد
يقول الامام علي :
رأيت ربي بعين قلبي *** فقلت لا شك أنت أنتا
أنت الذي حزت كل أين *** بحيث لا أين ثم أنتا
فليس للأين منك أينٌ *** فيعلــــم الأين أين أنتا
وليس للوهم فيك وهمٌ *** فيعلم الوهم كيف أنتا
وفي فنائي فنى فنائي *** وفي فنائي وجدت أنتا
أحطت علما بكل شيء *** فكل شيء أراه أنتا

= الموت لا يستثني أحداً لا الصغير ولا الكبير ولا الغني ولا الفقير
ولا العظيم ولا الحقير
ولا الغبي ولا الفهيم - ولا المريض ولا السليم
فيقال يسأل قوم قوما آخرين ليطمئنوا على صحة المريض فيقولون :
كيف أصبح مريضكم ؟ فيردون : صحيحنا مات

= هذا المريض الذي يتوقع الجميع موته لا يموت وهذا الصحيح الجسم المفتول العضلات قوي البدن مرفوع القامة صلب العظم -لا أحد يتوقع موته
فيسألون عن المريض ضعيف الجسم وهن العظيم محني الظهر – كيف أصبح ؟
ويكون الرد : الصحيح هو الذي مات .

= ويقال : سافر شاب مع أمه العجوز وأبيه الشيخ المريضين لأداء فريضة الحج
وقام على رعايتهما على أحسن ما يكون
فكان يحملهما على ظهره ليذهبا الى المسجد للصلاة ويعود بهما
وفي أحد الأيام وقف الجميع للصلاة فما أن كبر الامام حتى سقط الشاب أرضاً
وفارق الحياة
فعاد الأبوان الى بلدهما ومعهما ابنهما الشاب الذي كان يحملهما
عاد محمولا في نعشه
فسبحان الله الحي الذي لا يموت .

هل تأكدت الآن أن الموت لا يفرق بين ضعيف وقوي
فلا تنتظر الموت لأحد المرضى في بيتك بل انتظره أنت
فلربما تموت قبله!!
ولربما هذا المريض يعيش بعدك سنوات

فكم من صحيح بات للموت آمنا** *أتته المنايا بغتة بعدمـــــا هجع
فلم يستطع اذ جاءه الموت بغتة ** *فرارا ولا منه بقوتــــــه امتنع
فأصبح تبكيه النساء مقنعا ولا *** يسمع الداعي وان صوته ارتفع
وقرب من لحد فصار مقيله *** وفارق ما كان بالأمس قد جمـــــع
فلا يترك الموت الغني لماله *** ولا معدما في المال ذا حاجة يدع

= فالموت لا يبقي حيا على قيد الحياة
فقد يأخذ الصحيح قبل المريض
وقد يباغت القوي قبل الضعيف

انتهى المشهد ................................
ألقاكم في الغد القريب .. بإذن الله تعالى ..
هذا ان عشنا ليوم الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:01 pm

( المشهد الثاني عشر )
( لاتدري نفس بأي أرض تموت)

السلام عليكم أيها الأحياء – الأموات عما قريب
وأهلا بكم في المشهد الثاني عشر
من مشاهد الرحلة الى المقابر
فلا أحد من الخلق يدري متى سيموت
وإذا حان الأجل فلا مجال للمفاوضة في تأخيره لحظة
كذلك لا أحد يدري كيف ستكون منيته
ولا أحد من المخلوقات يعرف أين سيموت
ولا في أي بقعة من الأرض سينزع منه ملك الموت روحه
يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم
( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا - وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)
(34) لقمان

= والله تعالى يقول : بسم الله الرحمن الريحم
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة )
فأين المهرب من الموت إذا حان الوقت
وأين المفر من قضاء الله وقدره ؟؟ لا سبيل

= روي أن ملك الموت كان صديقاً لسليمان عليه السلام
وكان يزوره باستمرار
فدخل يوما عنده رجل يكلمه سليمان
فجعل ملك الموت يحق في الرجل الذي يكلم سليمان باستغراب .
ثم إن ملك الموت خرج من عند سليمان عليه السلام
فقال الرجل لسليمان :
يا نبي الله من هذا الداخل عليك آنفا ؟
قال : ملك الموت .
فقال الرجل : لقد رأيته يحد النظر الي
ولكن لي إليك حاجة؟
قال سليمان : وما هي ؟
قال الرجل : تأمر الريح أن تحملني الى الهند
فأمر سليمان عليه السلام الريح فحملته إلى الهند
ثم سأل سليمان ملك الموت بعد أيام :
لماذا كنت تحدق في الرجل الذي كان عندي ؟
فقال ملك الموت : كنت أعجب منه
فقد أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك بالشام
فقبضت روحه بالهند في ذلك اليوم

= فالموت إذا حضر لا يستأذن أحداً
وليس له من علامات فإنه يأتي للمرء دون تحذير أو إنذار
ومع أن الكبر والمرض والعجز والضعف ....
توحي أحياناً بأن الانسان قد أشرف على الهلاك
إلا أن العاجز والمريض
قد يكتب الله لهم عمراً
وكثيراً ما نسمع بفلان انكتب له عمر جديد
في الحقيقة لا تزيد الأعمار ولا تنقص
ولا أحد يكتب له عمر آخر
فالعمر محدود-
ولكن ما يحصل أن هذا الانسان يكون قد نجا
و كما يقال ( بأعجوبة )
مع أن أسباب الهلاك قد أحاطت به
و يقول الشاعر بهذا المعنى :
فكم من صحيح بات للموت آمنا** أتتــه المنايا بغتـة بعد ما هجع
فلم يستطع اذ جاءه الموت بغتة **فـرارا ولا منـه بقوتـه امتنــــع
فأصبح تبكيه النسـاء مقنــعا **ولا يسمع الداعي وان صوته رفع
وقرب من لحد فصار مقيـلـه ** وفارق ما قد كان بالأمس جمــع
فلا يترك الموت الغني لماله ** ولا معدماً في المال ذا حاجة يدع
الموت بحر يهاب المرء مورده ** وكـل يـوم له من كأسـه جـزع
لا صحة المرء في الدنيا تؤخره ** ولا يقـدم يومـاً موتــه الوجـع
وكل يوم علينا في فجائعــــه **طـير يحــوم فلا نـدري بمـن يقــع

= وهل نحن إلا بني آدم مثل الذين سبقونا إلى المقابر
وهل نحن إلا مثلهم لنا أرواح وأجساد
ولا بد يوماً أن تغادر الأرواح هذه الأجساد إلى باريها
وتدفن الأجساد في لحودها

إذن .. الموت يأتي على كل شيء ولا يبقى إلا وجه الله
يقول الله تعالى :
( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام )

نعم هو الأزلي الباقي
وجنته وناره باقيتان خالدتان
أما الدنيا فتفنى وأما الناس فتموت وأما الأجساد فتبلى
وكل عبد يموت لا محالة عندما ينتهي أجله

الموت في يطلبك – الموت خلف الباب
وملك الموت ينتظرالاشارة
والاشارة ورقة تسقط من شجرة عند الله تعالى في حجره
فأين ستهرب منه ؟ انه يلاحقك من مكان الى مكان
والله تعالى يقول :
( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان )
أين المفر من الموت العنيد – يا عجبا منك
اختبيء ان شئت
اهرب الى أقاصي الأرض
احجز على مركبة فضائية واصعد الى المريخ
الموت سيأتيك ولو تحصنت منه في ناطحة سحاب
لن تنجو منه

لا تأمن الموت في طرف ولا نفس ** اذا تسترت بالأبواب والحــرس
واعلم بأن سهام الموت قاصـــــدة ** لكــل مـدرع منـا ومتـــــــــرس
ترجو النجاة ولا تسلك مسالكها ** ان السفينة لا تجري على اليبــس

والله تعالى يقول :
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)
الموت إذن أمر لا بد منه فما أنت فاعل ؟
تيقـظ للـذي لا بـد منـه فان الموت ميقات العبــاد
يسرك أن تكون رفيق قـوم لهـم زاد وأنـت بغيــر زاد

قد يستغرب الناس كيف نجا فلان من الموت
ونسمع بحكايا كثيرة من الواقع عن طائرات دمرت بالكامل
ومات كل من فيها ونجا أحدهم
أو حادث سيارة مات كل من فيها وما نجا إلا واحد
فقد قيل ان سيدة كانت تعارض سفر ولدها الى الخارج ليتعلم خوفا عليه
ولكنه حجز تذكرة الطائرة وجهز نفسه ولم يبق إلا السفر
وفي ليلة سفره بكت أمه بكاء مراً
وما زالت بولدها تلح عليه أن يبقى حتى رضخ لتوسلات أمه
وألغى سفره
فنامت من ليلتها نومة هانئة
وفي اليوم التالي سمعت الأخبار فاذا بالطائرة التي كان ولدها سيسافرعبرها
قد احترقت بالجو ومات كل من على متنها
فحمدت الله تعالى أن ولدها لم يسافر
وأسرعت إليه في فراشه تخبره بما حدث وتبشره بسلامته
فهزت ولدها فاذا هو ميت !!

= فهذا الشاب نجا من الموت في الطائرة لكنه لم ينج من الموت على فراشه
فالحذر لا ينجي من وقوع القدر


انتهى المشهد
ألقاكم في الغد القريب .. بإذن الله تعالى
هذا ان عشنا الى يوم الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:01 pm

المشهد الثالث عشر ( ملك الموت ) **

وصلنا معك اليوم أخي المستمع الى مشهد ملك الموت
يلتقط أرواح الناس حسب الأوامر الربانية

= خلق الله سبحانه وتعالى ملك الموت
والذي ورد اسمه في القرآن الكريم بهذا اللقب لهذه المهمة
وهي استخلاص أرواح العباد من أجسادهم
ويسمى ملك الموت في بعض الآثار ( عزرائيل )
= تذكر أن ملك الموت
يقف ببابك كل يوم خمس مرات يتفقد أحوالك في مواقيت الصلاة
فعن جعفر بن محمد قال سمعت أبي يقول :
نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ملك الموت
عند رأس رجل من الأنصار – فقال له النبي عليه السلام :
يا ملك الموت ارفق بصاحبي فانه مؤمن
فقال ملك الموت : يا محمد طب نفسا وقَــرعينا فإني بكل مؤمن رفيق – واعلم أن ما في الأرض بيت من مدر ولا شعر في بر ولا بحر
إلا وأنا أتفحصهم في كل يوم خمس مرات
حتى اني أعرف بصغيرهم وكبيرهم من أنفسهم
والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة
ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها
وقال جعفر بن محمد الصادق :
بلغني أن ملك الموت يتفحصهم عند مواقيت الصلاة
فاذا حضر عند الموت – وكان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ودفع عنه الشيطان ولقنه الملك
( لا اله إلا الله محمد رسول الله ) في تلك الحالة العظيمة
= وكما جاء في بعض الأخبار :
أن الدنيا كلها بين يدي ملك الموت كالمائدة بين يدي الرجل
يمد يده الى ما شاء منها فيتناوله ويأكله
بل الدنيا كلها مشارقها ومغربها برها وبحرها
وكل ناحية منها أقرب الى ملك الموت من الرجل على مائدته
وان معه أعوانا- الله أعلم بعدتهم –
ليس منهم ملك إلا لو أذن الله له أن يلتقم السموات السبع والأرضين السبع في لقمة واحدة لفعل
و كلما اقترب ملك الموت من حملة العرش
إلا ازدادوا فزعا منه حتى يرعدوا
وان غصة من غصص الموت أشد من ألف ضربة بالسيف
وفي كل ما خلق الله عز وجل وضع فيه البركة إلا في الأجل فانه مؤقت لوفاء العدة وانقضاء المدة .
= وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إن ملك الموت ينظر لوجه العباد في كل يوم سبعين مرة
فاذا ضحك العبد الذي بعث لقبض روحه
يقول له ملك الموت ك يا عجبا لك يا فلان
أمرت بقبض روحك وأنت تضحك
فالعجب كل العجب بمن الموت يطلبه
والمنية تعاجله وهو يضحك ويلهو
ضحك الفتى من عجب جهالة **والموت يطلبه حثيثا مسرعا
والموت لا يدع الجهول لضحكه ** إلا رماه بسهمه فتفجعا
فتفلقت أوصاله لنزوله **وتفتـّت العظـم الصليـب توجعـا
وبكى لفرقة ماله وعياله **ومضى الى دار البلى متضرعا
= والآن وبعد مشاهدة ملك الموت
وكما قلت إنها مزعجة لأهل الشقاوة دون أهل السعادة
تأتي ثالث داءات الموت
وهو مشاهدة العصاة مواضعهم في النار
وفي هذه اللحظات يكون الإنسان منتظرا لكي يسمع إحدى البشارتين اما أبشر يا عدو الله بالنار
وأما أبشر يا ولي الله بالجنة
وفي هذه الحالة ينشط عمل الشيطان وجنده الى المحتضر
وهو في سكرات الموت
فيقول الشيطان لجنده : إن فاتكم في هذه الحالة لا تدركوه أبدا - وكأنها آخر فرصة لإبليس اللعين لإغواء بني آدم –
فيأتي جند ابليس الى الإنسان في صورة أب وأم وشيخ وصديق وغير ذلك –
ويقولون : قد متنا على دين كذا غير دين الإسلام ووجدناه حقا وخفنا عليك الموت على الإسلام فتهلك
فلا يزالون به كذلك حتى يفتنوه عن دين الإسلام
فيهلك هلاك الآبد
إلا أن يكون قد سبقت له السعادة فيموت على التوحيد
فحينئذ يحثو الشيطان على رأسه التراب ويقول :
ويلكم كيف تفلت هذا منكم .
= تخيل الآن ملك الموت يدخل عليك وكما استمعت الآن
يبشرك إما الى الجنة وإما الى النار
فإذا طاب لك أن تكون البشرى بالجنة فاعمل للجنة
وان طابت لك النار فلك الخيار وغدا لا تلومن إلا نفسك
فالله الله عباد الله
اجتهدوا منذ اللحظة واستعدوا للموت وبادروا بالآجال
قبل الفوت تفوزوا بالجنان في دار الرحمن
وتذكروا هاذم اللذات فإنكم لا تذكرونه في قليل إلا كفى وأوفى
ولا تذكرونه في كثير إلا قلله
ولا تنسوا ملك الموت واقف ببابكم ينتظر انتهاء الأجل
ولا أحد يعرف متى يدخل بيتك ويأخذ روحك دون اذن منك...
لملك الموت في الدنيا ديون تحل فليس يمطلها المطول
فلا تغتر بالعز والمال فان الموت اذا حضر
لا يهاب الكبير ولا يرحم الذليل
فكونوا من الموت على حذر فقد يأتيكم الآن
= ذكر في بعض الأخبار أن لله سبحانه وتعالى
شجرة فرعها تحت العرش مكتوب على كل ورقة من أوراقها اسم عبد من عبيده
فاذا جاء أجل العبد
سقطت تلك الورقة التي فيها اسمه في حجر ملك الموت
فأخذ روحه بنفس اللحظة .
اني لعبت وحادي الموت في طلبي ** وان في الموت شغل لي عن اللعب
لو شمرت مهجتي فيما خلقت له **ما اشتد حرصي على الدنيا ولا كلبي
سبحان من لا شيء يعدله **إن الحريص على الدنيا لفي تعــب
لا تغتر بديار لا مقام بها ** واقصد لدارك ان الموت في الطلـب
....... الى هنا
ألقاكم غدا..بنفس الموعد هذا إن عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:02 pm


المشهد الرابع عشر من مشاهد الرحلة الى المقابر
( وصف ملك الموت ) **


ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك الموت
عزرائيل عليه السلام في حديث الإسراء فقال :
ثم رأيت ملكا عظيم الخلقة والمنظر قد بلغت قدماه تخوم الأرض السابعة ورأسه تحت العرش
وهو جالس على كرسي من نور والملائكة بين يديه
وعن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله عز وجل
وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة
إلا أنه لم يضحك أبدا-
فقلت : يا أخي يا جبريل من هذا ؟
قال جبريل عليه السلام : هذا هازم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب البيوت والدور ومعمر القبور
وميتم الأطفال ومرمل النساء ومفجع الأحباب
ومغلق الأبواب ومسود الأعتاب وخاطف الشباب
هذا ملك الموت عزرائيل
فهو ومالك خازن النار لا يضحكان أبدا
أدْنُ منه فسلـِم عليه –
قال عليه السلام : فدنوت منه وسلمت عليه
فقلت : يا أخي يا عزرائيل – هذا مقامك ؟
قال : نعم منذ خلقني ربي إلى قيام الساعة
فقلت : كيف تقبض الأرواح ؟ وأنت في مكانك هذا ؟
قال : إن الله أمْكنني من ذلك وسخر لي من الملائكة
خمسة الاف أفـرّقهم في الأرض
فإذا بلغ العبد أجله واستوفى رزقه
وانقضت مدة حياته ..
أرسلت اليه أربعين ملكا يعالجون روحه
فينزعونها من العروق والعصب واللحم والدم
ويقبضونها من رؤوس أظافره حتى تصل الى الركب
ثم يريحون الميت ساعة
ثم يجذبونها الى السرة ( أي الروح ) ثم يريحونه ساعة
ثم يجذبونها الى الحلقوم فتقع في الغرغرة
فأتناولها وأسلها كما تسل الشعرة من العجين
فاذا انفصلت من الجسد جمدت العينان وشخصتا
لأنهما يتبعان الروح
فأقبضها باحدى حربتي هاتين
واذا بيده حربة من نور وحربة سخط
فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها الى عليين
والروح الخبيثة يقبضها بحربة السخط ويرسلها الى سجين وهي صخرة سوداء مدلهمّة
تحت الأرض السابعة السفلى
فيها أرواح الكفار والفجار
قلت وكيف تعرف حضر أجل العبد أم لم يحضر ؟؟
قال : يا محمد ما من عبد إلا وله في السماء بابان
باب ينزل منه رزقه .. وباب يصعد اليه عمله ..
وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها ورقة
إلا وكتب عليها اسم واحد من بني آدم ذكورا واناثا
فاذا قرب أجل الشخص..
اصفرت الورقة التي كتب عليها اسمه
وتسقط على الباب الذي ينزل منه رزقه
ويسودّ اسمه في اللوح
فأعلم أنه مقبوض .. فأنظر اليه نظرة يرتعد منها جسده ويتوعـّك قلبه من هيبتي فيقع في الفراش
فأرسل اليه أربعين من الملائكة يعالجون روحه
وذلك قوله تعالى :
( حتى اذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )
قلت : يا أخي يا عزرائيل أرني صورتك التي خلقك الله عليها وتقبض فيها الأرواح ؟؟
قال : يا حبيبي لا تستطيع النظراليها
فقلت : أقسمت عليك إلا فعلت ؟؟
واذا بالنداء من العلي الأعلى : لا تخالف حبيبي محمداً
فعند ذلك تجلـّى ملك الموت في الصورة
التي يقبض فيها الأرواح
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
فلما نظر ملك الموت الي وجدت الدنيا بين يديه كالدرهم

بين يدي أحدكم
يقلبه كيف يشاء
فارتعد قلبي ورجف منه
فوضع جبريل يده على صدري فرجعت روحي الي وعقلي
فقال جبريل : يا محمد ..
( ما بعد القبر إلا ظلمة القبر ووحشته وسؤال منكر ونكير)

= وذكر في بعض الأخبار أن سليمان عليه السلام
دعا الله تعالى وسأله أن يريه ملك الموت
وأن يلبسه من القوة حتى يكلمه
فبينما هو قاعد ذات يوم على سريره
اذ خرج رجل من جنب السرير ليس يراه أحد إلا سليمان
فقال : يا عبد الله ما أدخلك داري ؟
فقال : أدخلنيها ربها
أدخلني من هو أملك لها منك ومني
فعلم سليمان عليه السلام عند ذلك أنه من ملائكة الله
فقال له : من أنت من ملائكة ربي ؟
قال : أنا ملك الموت –
قال : فسمعوا من كلامه جلبة فصعق سليمان من خوفه
ومن كان معه في البيت
فقال ملك الموت : يا رب ان عبدك سليمان ونبيك
سألك أن تأذن لي بالدخول عليه
وقد بلغ من خوفه ومن معه ما ترى
فألبسه من القوة ما يطيق النظر الي
فأوحى الله تعالى الى ملك الموت
أن ضع يدك على صدر سليمان ففعل
فأفاق سليمان ومن معه باذن الله تعالى
قال سليمان : يا ملك الموت أترى خلق الله في السموات والأرض مثلك ؟
فقال ملك الموت : يا نبي الله والذي بعثك بالحق
ان رجلي الساعة على منكبي ملك وذلك الملك هو الموت
قد خرق قرناه السموات السبع
وارتفع فوق مسيرة ألف عام ورجلاه
قد جاوزا الثرى بخمسمئة عام فاتحا فاه
رافعا صوته بالتهليل والتقديس والتسبيح باسطا يديه
لو أذن الله له أن يقبضهما الى صدره لضم السموات وما فيهن وما عليهن خلا العرش
وأن فوقه ملكا قائما قد أدخل رجليه تحت منكبي هذا الملك
وهذا من فوق مسيرة ألف عام فاتحا فاه
وأن شفته العليا ملتصقة بالعرش
والسفلى تحت الثرى
لو أذن الله تعالى له أن يضع شفته العليا على السفلى
لأطبق ما بينهما في جوفه
فقال سليمان عليه السلام : يا ملك الموت اكفف عني
فلقد وصفت أمرا أتخوف أن تطير روحي
ولا تثبت نفسي .. ولا أطيق سماعه ..
فكف ملك الموت
فعندها قال سليمان عليه السلام :
يا رب متى ألتقي مع الأحبة؟؟
يا رب قد أحببت لقاءك والراحة من الدنيا-
وهذا كان سبب موت سليمان عليه السلام

= عباد الله تذاكروا أعماركم قبل الفوت
وتأهبوا لأهوال غصص الموت ولا تتمنوا الموت
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وان من سعادة المرء أن يرزقه الله تعالى الانابة اليه ويطيل عمره )
فانا لله وانا اليه راجعون على من طال عمره وساء عمله
ولا تنفعه الموعظة
فمن كان منكم كذلك فقد عظمت خسارته وما ربحت تجارته

فسلام عليكم أهل مضايق اللحود ومطاعم البلاء والدود
ما أبعد سفركم وما أوحش طريقكم
فليت شعري ما حالكم ؟؟
نعت نفسها الدنيا إلينا فأسلمت ** ونادت ألا جدّوا الرحيل وودعـت
ورمت مطايانا الى برزخ البلى ** وساقت بنا سوقاً حثيثاً فأسرعت
سلام على أهل القبور أحبتي ** لقــد بليـت أجسامهــم وتقطعـــــت
فما موت الأحياء إلا ليبعثوا ** يقينا وتـُجزى كـــــل نفس بما سعتْ


إلى هنا انتهى المشهد
ألقاكم في المشهد التالي في الغد القريب بإذن الله تعالى
هذا إن عشنا ليوم الغد .. لا تنسوني من الدعاء

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:02 pm

المشهد الخامس عشر من مشاهد الرحلة الى المقابر
(سكرات الموت )


= كل شيء مآله الى الهلاك
ورب العزة يقول :
( كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم واليه ترجعون ) 88 القصص
= اذن - أنا وأنت رأينا ان لا مناص من الهلاك - فما العمل الان؟؟
= تمهل أخي المستمع فلم تمت بعد
– الآن نفتح الستار على مشهد –
وهو قول تعالى ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )

= فهناك مشهد من مشاهد الموت لا يقل صعوبة عن خروج الروح –
ألا وهو سكرات الموت وهي تلك الحالة التي يعيشها الانسان
وهو لا زال على قيد الحياة
– وقبل خروج الروح –وقد تطول مدتها وقد تقصر –
وسميت سكرات من السكر ..
وكأن الانسان خلالها يكون شبه غائب عن الوعي لكنه يتألم ويتوجع –
ولولا أن سكرات الموت شديدة على قدرة الانسان على تحملها
لما كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
أن يهوّن عليه سكرات الموت وهو حبيب الله ورسوله ونبيه
فكيف بنا نحن المخاليق العصاة -
فاللهم هون علينا سكرات الموت يا أرحم الراحمين

= ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال :
من أكثر الفكرة في الموت هون الله عليه سكراته ,
وجعله منه على حذر,
ومن غفل عن ذكره يوشك أن يأتيه فجأة على غير أهبة ولا استعداد )
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حبيب الله المعصوم
أنه كان عنده قدح عند الموت يجعل يده فيه ثم يمسح وجهه ويقول :
اللهم هون على محمد سكرات الموت
وفاطمة رضي الله عنها تقول : واكرب أبتاه !!
وهو يقول : لا كرب على أبيك بعد اليوم –
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما احتضر جعل يقول :
لا إله إلا الله إن للموت سكرات
= نعم للموت سكرات وهؤلاء الأنبياء والرسل
صلوات الله وسلامه عليهم يصفون هذه السكرات
= فقد روي عن عيسى عليه السلام أنه قال للحواريين :
أدعوا الله أن يخفف عني سكرات الموت .

= وروي عن وهب بن منبه أنه قال :
قام نوح عليه السلام خمسمئة عام لا يقرب النساء
وجلا من الموت وهول المطلع .
= والخوف من الموت وسكراته كان وارداً عند الأنبياء
وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فيروى أن عيسى عليه السلام كان اذا ذكر عنده الموت أو ذكره
تقطر جسمه ماء من خوف هوله .
= وذكر في بعض الأخبار أن عبد الله بن عباس
دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين يوم قتل فقال :
أبشر يا أمير المؤمنين – قال : بماذا ؟
قال : آمنت برسول الله حين كفر به الناس
وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض
ولم يختلف فير خلافتك اثنان , وقتلت شهيدا .
فقال له عمر رضي الله عنه : أعدْ علي ما قلت – فأعاده عليه –
فقال عمر : والذي لا إله غيره , لو أن لي ما طلعت عليه الشمس
وغربت لافتديت به من هول المطلع .
فاذا كان هذا هو قول عمر رضي الله عنه
إمام السنة وحبيب الأمة وسراج أهل الجنة وهو من المبشرين بها
قال هذا عند الفراق والانقطاع من الدنيا اشفاقاً من الموت وسكراته
فكيف بأهل اللهو والعب – والبهتان والكذب-
أمثالنا الذين قطعوا أعمارهم في الذنوب
وأفنوا أيامهم في معصية علام الغيوب- ومع غفلتنا عن القبور –
وقلة التفكر في يوم النشور .
= وجاء في بعض الأخبار : للموت ثلاثة آلاف سكرة –
كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف.
= هلا تخيلت الآن كم هي سكرات الموت مخيفة وموجعة –
كل هذا وأنت لم تمت بعد فللموت ثلاث داءات –
أولها السكرات وبعد ما استمعت لها هل لك أن تتخيل تلك اللحظات –
أما الداء الثاني من داءات الموت فهو مشاهدة ملك الموت
وهي مزعجة لأهل الشقاوة دون أهل السعادة .
أنت الآن طريح الفراش مسجى على سريرك تتألم وتعيش سكرات الموت ولما يأتك عزرائيل بعد – فلم يحن موعد الأجل
= ولكن لا بد من التذكرة والعظة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
كفى بالموت واعظا – وكفى بالعبادة شغلا وكفى باليقين غنى )
ان الحبيب من الأحباب مختلس لا يمنع الموت أبواب ولا حرس
وكيف تفرح بالدنيا ولذتهـــــا *** يا من يعد عليه اللفظ والنفس
أصبحت يا غافلا في النقص منغمسا *** وأنت دهرك في اللــذات منغمس
لا يرحم الموت ذا جهل لغرته *** ولا الذي كان منه العلــم يقتبس
كم أخرس الموت في قبر وقفت به *** عن الجواب لسانـاً ما به خـرس
قد كان قصرك معمورا له شرف *** وقبرك اليوم في الأجــداث مندرس
= وقبل أن تأتيك لحظة الوفاة وتعيش الصراع مع الموت وتعيش سكراته
التي لم ينج من سكرات الموت حتى الأنبياء –
ولكي يخفف الله عنك سكرات الموت –
أدع الله دائما أن يشملك في رحمته الواسعة التي لا تضيق عن أحد رفع يديه وقال يا رب –
ولا تكتف بالدعاء .. بل احذر وأنت الآن في كامل قواك العقلية
وفي كامل صحتك ووافر عقلك –
احذر أربع غارات :
غارة ملك الموت على روحك
وغارة الورثة على مالك
وغارة الدود على جسدك
وغارة الغرماء على حسناتك يوم القيامة
= الحذر من هذه الغارات الأربع لا يكون إلا في الدنيا –
= ويروى أن ابن آدم وهو في سكرات الموت أشد ما بحاجته يكون بحاجة الى الماء البارد لجفاف حلقه –
لذلك ينبغي للانسان أن يحمد الله تعالى على كل شربة ماء بارد .

= وفي هذه الأثناء ينشط عمل ابليس –
فيروى قديما أن ابليس اللعين حضر عند موت عابد-
فقال له وهو عطشان وفي سكرات الموت :
سأرويك بالماء البارد على أن تسجد لي سجدة واحدة-
وبعدها عد إلى ما شئت –
فاغتر العابد بشربة الماء وقبل العرض من ابليس اللعين -
وسجد له كما طلب منه – لكن ابليس دلق الكوب على الأرض أمامه
ولم يف بوعده وخسرالعابد دينه .

= اذن هذه هي سكرات الموت – وقد تكون أشد من الموت نفسه –
فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه يخافون الموت وسكراته
فكيف بنا نحن – وهذا هو عمل ابليس اللعين وأنت تودع الدنيا –
فما كنت تقوى عليه وأنت بكامل قوتك فكيف تقوى على وسوساته
وأنت ضعيف تستقبل الموت وتعاني من آلام سكراته –

= فاللهم هون علينا سكرات الموت – وهون علينا داءات الموت –
وهون علينا الموت ولقاء ملك الموت
واختم لنا بخير وثبتنا عند الموت يا أرحم الراحمين
انتهى المشهد .. ألقتيكم بإذن الله غداً ..
هذا إن عشنا ليوم الغد في المشهد التالي من مشاهد الرحلة الى المقابر
لا تنسوني من الدعاء .. حلفتكم بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:03 pm

المشهد السادس عشر من مشاهد الرحلة الى المقابر
( صفة الموت)





= أنت الآن مسجى على فراش الموت تنتظر ملك الموت
يدخل عليك – اما يبشرك بالجنة أو بالنار -
الان سأترك وصف خروج الروح لمن وصفوها
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
لو أن ألم شعرة من شعر الميت
وضع على أهل السموات والأرض لماتوا أجمعين
لأن في كل شعرة ألم الموت ولا يقع الموت ولا يحل في شيء
إلا مات
= وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال :
لو أن قطرة وضعت على جبال الدنيا كلها لزالت .

= وروي أيضا – أن النبي ذكر الموت وغصته وألمه
فقال : هو قدر ثلاثمئة ضربة بالسيف .

= وقال شداد بن أوس يصف الموت :
الموت أشد من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض وغلي في القدور – ولو أخبر أهل الدنيا بالموت
لما انتفعوا بعيش ولا تلذذوا بنوم –

= وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكعب الأحبار :
حدثنا عن الموت ؟؟
فقال : هو كغصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل
فأخذت كل شوكة بعرق
ثم جذبه رجل شديد الجذب فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى

= هل لك أخي المستمع بعد كل ما استمعت اليه
من وصف الموت أن تعيش المشهد بكل ما فيه بدقة
تخيل ألم ثلاثمئة ضربة بالسيف
تخيل أنك تنشر بالمناشير وتقرض بالمقاريض ؟
وكأنك بداخل قدر تغلي فوق النار ؟


= وروي عن الحسن رحمه الله أنه قال :
لما مات خليل الرحمن اجتمعت اليه أرواح الأنبياء
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فقالوا :
إن الله تعالى اتخذك خليلا من بين سائر الأنبياء والرسل
فان كان الموت خفف عن واحد فأنت هو
فأخبرنا كيف وجدت طعم الموت ؟
فقال : أواه – وجدته والله شديدا – والذي لا اله غيره –
هو أشد من الطبخ في القدور – والقطع بالمناشير-
أقبل ملك الموت نحوي بكلوب من حديد –
فأدخله في كل عضو مني – ثم استل الروح من كل عضو
حتى جعلها في القلب -
ثم طعن في القلب طعنة بحربته المسمومة بسم الموت
فلو أني طبخت في القدور سبعين مرة
لكان أهون علي
فقالوا : يا ابراهيم – لقد هون الله عليك الموت –
فاذا كان هذا حال الأنبياء فما يصنع بالمخطئين ؟
كفى بالموت طامة
واذ بجبريل عليه الصلاة والسلام عندهم يسمعهم فقال لهم :
يا أرواح الطيبين ما بعد الموت أشد وأطم وأعظم من الموت .

= وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
الموت غصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل
أخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب
فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى .
= وذكر في بعض الأخبار أن داود عليه السلام
كان في محرابه فاذا بدودة كالذرة – فقال في نفسه :
ما يعبأ الله بهذه الدودة ؟
فأنطقها الله سبحانه وتعالى وقالت :
والله يا داود اني أعبد الله سبحانه وأخافه وأسأله
أن يهون علي الموت

= وروي أيضا أن موسى عليه السلام لما صارت روحه الى الله سبحانه وتعالى قال :
يا موسى كيف وجدت الموت ؟
قال موسى : وجدت نفسي كالعصفور حين يقلى على المقلاة
لا يموت فيستريح ولا ينجو فيطير.

= وفي رواية أخرى – قال موسى :
وجدت نفسي كشاة حية تسلخ بيد القصاب .

= وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال لابنه عند الموت :
ليتني ألقى رجلا عاقلا عند نزول الموت يخبرني بما يجد
فقال له ابنه : قد نزل بك الموت فصف لي الذي تجد ؟
فقال لي : يا بني كأن جنبي في تخت
وكأن غصن شوك يخرج من قدمي الى هامتي
وكأني أتنفس من سم إبرة( ثقب ‘برة)
ثم مد يده وقال : اللهم لا قوي فأنتصر
ولا بريء فأعتذر – اللهم اني مقر مذنب مستغفر
ثم مات رضي الله عنه -

= وجاء أيضا : ‘ن الله سبحانه وتعالى قال لابراهيم صلى الله عليه وسلم لما مات :
يا خليلي مت – قال : يا إلهي مت
قالها ورددها عليه ثلاثا – قال الله تعالى :
يا خليلي كيف وجدت طعم الموت ؟
قال ابراهيم صلى الله عليه : كسفود
( والسفود عود من حديد يوضع فيه اللحم ليشوى )
محمي جعل في صوف رطب ثم جذب –
قال الله سبحانه : أما أنا قد هونا عليك الموت

= هذا أهون الموت – عود من حديد محمي جعل في صوف رطب ثم جذب من الجسم
يا الهي – رحماك يارب هون علينا الموت
اذا كان هذا أهون الموت عند خليل الله ابراهيم
فكيف يكون الموت علينا
بل كيف يكون الموت على الظالمين ؟
يقول الله جل وعلا
( ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ..) الآية 93 الأنعام

= هذا حال الظالمين – فما هو حال المؤمنين –
ومع أن للموت كربة شديدة إلا أن رحمة الله تعالى بالمؤمنين تخفف هذه الكربة عنهم ويتلقاهم بفضله
فقد روي أنه لما مات عبد العزيزبن سليمان العابد
رآه بعض أصحابه وعليه ثياب خضر
وعلى رأسه اكليل من لؤلؤ
فقال : كيف كنت بعدنا وكيف وجدت طعم الموت ؟
وكيف رأيت الأمر هناك ؟
قال : أما الموت فلا تسأل عن شدة كربه وغمه
إلا أن رحمة الله وارت عنا كل عيب وما تلقانا إلا بفضله .

= ويروى انه لما احتضر صخر بن الحارث
قيل له : كأنك تحب الحياة؟ قال : القدوم على الله شديد .

= الموت من الأشياء المخيفة ومن الحقائق المكروهة
ولكن ليس الكل يكره فهناك يرجو لقاء الله
ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

= ويروى أن الخليفة سليمان بن عبد الملك
قصد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعد منصرفه من الحج وكان معه من ذوي خاصته
ابن شهاب الزهري ورجاء بن حيوة وغيرهما فسأل :
أما ههنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقيل له : بلى ههنا أبو حازم أدرك منهم من أدرك
وأخذ عنهم فقهه وعلمه
ولو أرسلت اليه يا أمير المؤمنين أتاك
فبعث اليه فجاءه وجلس ثم سأله :
ما لنا نكره الموت يا أبا حازم ؟
قال : لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم
فأنتم تكرهون النقلة من العمران الى الخراب
قال سليمان : صدقت يا أبا حازم
فكيف القدوم على الآخرة ؟
قال : أما المحسن فانه يقدم على الآخرة كالغائب يقدم على أهله من السفر
وأما قدوم المسيء فكالعبد الآبق يؤخذ فيشد كتفاه
فإن شاء عفا وان شاء عذب
فاستعبر سليمان وبكى بكاء شديدا
وبكى من حوله

= فاللهم هون علينا الموت وسكراته
والسلام عليكم دار قوم مؤمنين -
لا تنسوني من الدعاء ..
ألقاكم بإذن الله تعالى في المشهد القادم.
هذا إن عشنا ليوم الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:03 pm

المشهد السابع عشر من مشاهد الرحلة الى المقابر
(خروج الروح المؤمنة )



السلام عليكم أيها الأحياء الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر
والآن تعالوا بنا الى مشهد خروج الروح ولكن سنبدأ بالروح المؤمنة
والنفس الراضية المرضية
يقول الله تبارك وتعالى : بسم الله الرحمن الرحيم
( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية
فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :
خرجنا مع النبي في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا الى القبر
ولما يلحد .. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله
كأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض
فرفع رأسه , فقال : أستعيذ بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا
ثم قال : العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا
وإقبال من الآخرة نزل عليه ملآئكة من السماء بيض الوجوه
كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة
وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر
ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه
فيقول : أيتها النفس المطمئنة اخرجي الى مغفرة من الله ورضوان
قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء
فيأخذها فاذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها
فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط
ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض
قال : فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا
ما هذا الروح الطيب ؟
فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا
حتى ينتهوا بها الى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم
فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التي تليها
حتى ينتهي به إلى السماء السابعة
فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين
وأعيدوه الى لأرض فاني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى
قال : فتعاد روحه في جسده
فيأتيه ملكان ملكان فيجلسانه فيقولان له :
من ربك فيقول : ربي الله
فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : ديني الاسلام
فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله
فيقولان : ما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت
فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة
وألبسوه من الجنة .. افتحوا له بابا الى الجنة ..
قال : فيأتيه من روحها وطيبها فيفسح له في قبره مد بصره
قال : ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح
فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد
فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير
فيقول : أنا عملك الصالح
فيقول : رب أقم الساعة حتى أرجع الى أهلي ومالي )

هذا الانسان ود لو أن الساعة تقوم حتى يجازى على عمله الصالح
ويدخل الجنة التي أعدها الله له ولأمثاله من المؤمنين الصالحين
= وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أن الله تعالى اذا أراد أن يقبض روح عبده الكريم دعا بملك الموت
فقال : اذهب يا ملك الموت الى عبدي فلان فأتني بروحه ليرتاح عندي
فحسبي من عمله أني قد بلوته في السراء والضراء
فوجدته حيث أحب.. فيذهب ملك الموت ..
فيأخذ من مسك الجنة الأذفر وحريرها الأبيض
فيهبط به
ويهبط في إثره خمسمئة ملك ليس منهم ملك
إلا ومعه بشارة من الله تعالى إلى ذلك الولي
وليس منهم ملك يدري ما مع صاحبه من البشارة
وليس منهم ملك إلا ومعه ضبائر من ريحان الجنة
فاذا هبطوا أحدقوا بولي الله
وجلس ملك الموت عند رأسه ونفث في وجهه سم الموت فصرعه
ويقول له : يا ولي الله ارتحل من الدنيا فليست لك دار
والأبد لك أن تذوق كما ذاق اخوانك من قبلك
قال : فملك الموت ألطف باستخراج نفسه من الولدة بولدها
فاذا أذنت نفسه بالخروج وكانت عند ذقنه
أكب عليه الذين جاؤوا مع ملك الموت يخبرونه بالبشارة
التي أرسلهم الله تعالى بها اليه
وليس منهم ملك إلا وهو يضع على كل طائفة من جسده
من حزم الريحان الذي جاؤوا به
فاذا خرجت نفسه لفها ملك الموت في ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر
ثم يعرج بها الى السماء وتثبت الملائكة الذين بشروه عند جسده عند أهله
فاذا دنا من السماء تلقاه جبريل عليه السلام
في سبعين ألف موكب من الملائكة
فأخذ الروح منه جبريل عليه السلام فعرج به
حتى يضعه بين يدي الجبار تبارك وتعالى
فيقول جل جلاله لجبريل عليه السلام :
اذهب وضع ولي الله في سدر مخضود وطلح منضود
فاذا حمل الرجل الى سريره هبط خمسمئة ملك آخرون
سوى الذين جاؤوا مع ملك الموت
فيجلسون صفين ما بين منزله الى قبره يستقبلون جنازته بالاستغفار
واذا أدلي في قبره وحثى عليه التراب وولى القوم
جاءته الصلاة فكانت عن يمينه
وجاء الصوم فكان عن شماله وجاءه ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن
فكانا عند رأسه .. وجاءه مشيه الى الجمع والى مجالس العلم
وعيادة المرضى واتباع الجنائز والصدقة فكانوا عند رجليه
وجاءه الصبر على ما يكره وعلى ما يحب فلم يجد مجلسا
فيجلس في ناحية من نواحي قبره
فيخرج له من قبره عنق من العذاب فيأتي عن يمينه
فتقول له الصلاة : اليك عني لا سبيل لك عليه
إنما استراح ولي الله من الإقبال والإدبار هذه الساعة
ثم يأتي عن شماله فيقول الصيام : اليك عني لا سبيل لك اليه
انما استراح ولي الله من الإقبال والإدبار هذه الساعة
ثم يأتي عند رجليه فيقول مشيه الى الجمع والى مجالس العلماء وعيادة المرضى وإتباع الجنائز والصدقة : اليك عنا لا سبيل لك عليه
انما استراح ولي الله من الإقبال والإدبار هذه الساعة
قال : فلما لم ير شيئا انقمع
ودخل في الموضع الذي خرج منه فيقول الصبر لهؤلاء :
أم اذا كفيتموني عذاب القبر
فسأكفيكموه عند الميزان إذا نصب.

الموت بحر طامح موجه *** تذهب فيه حيلة السابـح
يا نفس اني قائل فاسمعي *** مقالة من مشفق ناصح
ما يصلح المرء في قبره مثل *** التقى والعمـل الصالـح

= وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
اذا قبض الله روح عبده المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا :
ربنا وكلتنا بعبدك المؤمن فلان نكتب عمله وقد قبضته ‘ليك
فاذن لما أن نصعد الى السماء
فيقول الله عز وجل : سمائي مملوءة بملائكتي يسبحوني
فيقولان : فأذن لنا أن نسكن الأرض
فيقول الله عز وجل : أرضي مملوءة من خلقي
فيقولان : يا ربنا أين نكون ؟
فيقول الله عز وجل : قوما عند قبر عبدي فسبحاني واحمداني وهللا ني واكتبا ثواب ذلك لعبدي الى يوم القيامة )
روي أن بعض الصالحين قال :
كان لي ابن استشهد فلم أره في المنام إلا ليلة
توفي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
اذ تراءى لي تلك الليلة فقلت يا بني ألم تك ميتا فقال :
لا ولكني استشهدت وأنا حي عند الله تعالى أرزق
فقلت : ما جاء بك ؟
فقال : نودي في أهل السموات أن لا يبقى نبي ولا صديق ولا شهيد إلا وحضر الصلاة على عمر بن عبد العزيز
فجئت لأشهد الصلاة ثم جئتكم لأسلم عليكم .
= فالقبر على المؤمن روضة من رياض الجنة
فقد روي أن رجلا من آل عصم الجحدري قال :
رأيت عاصماً في منامي بعد موته بسنتين
فقلت : ألست قد مت ؟ قال : بلى
قلت : فأين أنت ؟
قال : أنا ولله في روضة من رياض الجنة
أنا ونفر من أصحابي مجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها
الى بكر بن عبد الله المزني فنتلقى الأخبار
قلت : أبأجسادك أم بأرواحكم ؟ قال : هيهات بليت أجسادنا وانما تتلاقى الأرواح
قلت : فهل تعلمون بزيارتنا اياكم ؟ قال : نعم
نعلم بها عشية الجمعة كلها ويوم السبت الى طلوع الشمس
قلت : فكيف ذلك دون الأيام كلها ؟ قال : لفضل يوم الجمعة وعظمته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
انتهى المشهد

ألقاكم غداً بإذن الله تعالى في مشهد آخر هذا إن عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:04 pm


المشهد ( الثامن عشرة ) خروج الروح الكافرة **


= السلام عليكم أيها الأحياء الميتون عما قريب =
في هذا المشهد قول الله تبارك وتعالى
( ولكل أمة أجل فاذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) (34) الأعراف

نعم اذا جاءت ساعة الوفاة فلا تتأخر ولا تتقدم
– فالأجل والرزق–
أمران لم يختلف عليهما العلماء على أنهما مكتوبان ومحددان لا يتغيران أبدا-
فعندما يحين الأجل لا يستأخر ساعة ولا يستقدم ساعة – وقد أوضحنا في الأمس مشهد قبض روح المؤمن – كيف ينسل عزرائيل روحه من جسده كما يسل الشعرة من العجين
– وفي مشهد اليوم سنحدثكم كيف يسلخ عزرائيل روح الكافر من جسده –
وستلحظون الفرق بين خروج روح المؤمن – وخروج روح الكافر -

= فقال عليه الصلاة والسلام : إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر
ثم يجيء ملك لموت حتى يجلس عند رأسه فيقول :
أيتها النفس الخبيثة أخرجي الى سخط من الله –
قال :فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول
فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح
ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض
فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث؟
فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا –
حتى ينتهي به الى السماء الدنيا فيستقتح له فلا يفتح له –
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى
فتطرح روحه طرحا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق )
فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه
فيقولان له : من ربك فيقول هاه هاه لا أدري –
فيقولان : ما دينك فيقول : هاه هاه لا أدري
فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم
فيقول : هاه هاه لا أدري –
فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا الى النار فيأتيه من حرها وهمومها ويضيق عليه قبره حتى يختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول :
من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول : أنا عملك الخبيث – فيقول رب لا تقم الساعة


= وفي رواية أبي داود وغيره ثم يقبض له يعني للكافر أعمى أصم ومعه مرزبة من حديد
لو ضرب بها الجبال لصارت ترابا فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب
إلا الثقلين فيصير ترابا ثم يعاد فيه الروح

= ها قد رأيتم كيف يقبض عزرائيل روح الكافر-

= وبهذا المشهد تنتهي حياة الآنسان - ويسجل في سجل الوفيات وينتهي أمره ككائن حي
ويسارع أهله في تجهيزه لدفنه فيغسل ويكفن – ويحتفر له قبره –
وينزل فيه – ويسوى فوقه التراب ويملأ عينيه وفمه وأذنيه وكأن شيئا لم يكن
وهنا يأتي الامتحان الصعب ! هذا الامتحان هو آخرالامتحانات بل وأصعبها وأشقها -
ولا مجال لاعادته فاذا كان الميت مؤمنا بالله حق الايمان لم يتتعتع ولم يتردد
وأجاب عن أسئلة الملكين بيسر وسهولة واتسع عليه قبره وكان روضة من رياض الجنة
واذا كان فاجرا من الأشقياء اشتعل عليه القبر نارا وأقعده الملكان
فتانا القبر وهما منكر ونكير- وهما ملكان موكلان بسؤال الميت في قبره
وهذان الملكان أزرقان أفرقان لهما أنياب وأشكال مفزعة وأصوات مزعجة وحان موعد السؤال من ربك ومن نبيك وما دينك ؟
فتراه يتتعتع في الكلام ويتردد ولا يفقه ما يقول
فيقول كالأبله ( ها ها ) – فتراه يضيق عليه قبره ويشتعل عليه نارا - فلا صلاة تقف عن يمينه – ولا صيام يقف على شماله ولا قرآن ينير ظلمة قبره

= فاكثر من قراءة القرآن الكريم – وتحديدا سورة يسن التي تسمى قلب القرآن
فقد ورد أنه ضرب بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر
وهو لا يحسب أنه قبر.. فاذا قبر انسان يقرأ فيه ( سورة الملك ) حتى ختمها
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله
ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر- فاذا قبر انسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها – فقال النبي (صلى الله عليه وسلم هي المانعة.. وهي المنجية .. تنجيه من عذاب القبر) .

ها قد رأيت كيف أن قراءة سورة الملك تنجيك من عذاب القبر-
والقرآن بشكل عام يكون شفيعا للإنسان
ولكن هناك بعض السور لها خصوصية ومكانة خاصة عند النبي صلى الله عليه وسلم
منها سورة الملك والإخلاص والحشر والرحمن وفصلت والكهف وفاتحة الكتاب ويسن

فقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال :
إن في القرآن لسورة تشفع لقارئها ويغفر لمستمعها
ألا وهي سورة يسن تدعى في التوراة المعمة
قيل : يا رسول الله وما المعمة ؟ قال: تعم صاحبها بخير الدنيا وتدفع عنه أهاويل الآخرة
وتدعى الدافعة القاضية
قيل : يا رسول الله وكيف ذلك ؟
قال : تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة
ومن قرأها عدلت له عشرين حجة
ومن سمعها كانت له كألف دينار تصدق بها في سبيل الله
ومن كتبها وشربها أدخلت في جوفه ألف دواء
وألف نور وألف يقين وألف رحمة وألف رأفة وألف هدى ونزع عنه كل غل

= والانسان العاصي ا ذا خرجت روحه من بدنه وكفنه أهله ودفن تحت التراب وسوي عليه التراب وعاد أهله من المقبرة
يدرك أنه في القبر فيحاول اللحوق بهم لكنه لا يستطيع فتبدأ رحلة العذاب داخل القبر عندها
يسأل الله الرجعة – أي الرجوع الى الدنيا – حتى يعمل صالحا ولا يكون بهذا الحال –

= فكان الربيع رحمه الله قد احتفر قبرا في بيته – وكان يأوي اليه ويغطيه بخشبة- ويجلس فيه على هيئة الميت- يفكر في حاله ويتذكر فتنة القبر- وسؤال منكر ونكير فاذا اشتد به الحر وقرب الظلام نادى بأعلى صوته ( رب ارجعون- لعلي أعمل صالحا ) 99 المؤمنون
ثم يرفع الخشبة ويقول : يا نفس ها أنت قد عدت فاعملي ما قلت .
= فاقرأ المعمة –واقرأ المانعة والمنجية – لتدافع عنك في قبرك -


لا تنسوني من الدعاء ..
ألقاكم في الغد القريب بإذن الله تعالى .. هذا إن عشت ليوم الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:04 pm

المشهد التاسع عشر

(على المغتسل)



قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ) الأنعام 94
= ها أنت على المغتسل – عاريا كما ولدتك أمك وقد جهز الماء الطاهر لغسلك-
فيضغط المغسل بيديه على بطنك– ويخرج من بطنك ما اختزن في أمعائك من ريح وغير ذلك
– يا الهي – عفوك ورحمتك
- البارحة فقط كنت تغتسل وحدك وتتوضأ وحدك- وتقلم أظافرك وحدك -
واليوم جاء من يوضؤك ويغسلك ويقلم أظافرك ويطهرك – ما أضعفك – ما أقل حيلتك – أين هديرك وصياحك – أين وأين وأين
= ذكر في بعض الأخبار أن الميت ينادى اذا وضع على المغتسل : أين لسانك الفصيح ما أسكتك ؟ أين صوتك الشجي ما أخرسك ؟ أين ريحك العطر ما أنتنك ؟
أين حركاتك ما أسكنك ؟ أين أموالك الكثيرة ما أفقرك ؟ الويل لك إن كنت عاصياً والبشرى لك إن كنت طائعاً –

*أخال بكاء القوم حولي يقولون ألا أزف الرحيل
وما يغني البكاء إذا انقضى عمري وان كثر العويل
فخذ للموت أهبته فإما نجاة بعد أو هول طويل
= روي أن عبد الملك بن مروان قيل له في مرضه الذي مات به – كيف تجدك يا أمير المؤمنين ؟
قال أجدني كما قال الله تعالى
( ولقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم به وراء ظهوركم )
= الان وقد خرجت روحك وسجاك أهلك على خشبة أمام أعينهم يابسا مصفر الوجه عيناك مطبقتان –
لالقاء نظرة الوداع قبل وضعك في النعش ومغادرتك البيت الى الأبد - فيودعك المودعون ويبكي عليك الباكون
فلا البكاء ينفع ولا العويل لك يرجع
تركت ما خلفت وراء ظهرك – ولا من شيء أمامك ومعك ينتظرك حتى يخرج معك الى قبرك إلا عملك

= عن أنس بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من بيت إلا وملك الموت يقف على بابه كل يوم خمس مرات
فاذا وجد الانسان قد نفد أكله وانقطع أجله ألقى عليه غمرات الموت فغشيتعه كرباته وغمراته
فمن أهل بيته الناشرة شعرها والضاربه وجهها والباكية لشجوها والصارخة بويلها
فيقول ملك الموت عليه السلام : ويلكم مم الفزع وفيم الجزع ما أذهبت لواحد منكم رزقا ولا قربت له أجلا
ولا أتيته حتى أمرت ولا قبضت روحه حتى استؤمرت وان لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منك أحدا-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(والذي نفسي بيده لو يرون مكانه ويسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على نفوسهم
حتى اذا حمل الميت على نعشه زفرت روحه فوق النعش
وهو ينادي يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا
كما لعبت بي
جمعت المال من حله ومن غير حله ثم خلفته لغيري
فالمهناة له والتبعة علي فاحذروا مثل ما حل بي) -

أرى الأزواج تنكح ان هلكت ويقسم وارثي ما قد تركت
ولا يبقى الوداد بقلب خل اذا انقطع الرجا مني ومت
وينساني الصديق فما يبالي أمر به ويعرض ان ذكرت
ويشمت بي رجال من سفاه وما قد كنت قط بهم شمت
ولست بحاصل إلا على ما من الأعمال في الدنيا عملت
فياذا العرش عفوا عن ذنوبي وعن زللي وما كنت اجترمت
وشفع في نبيك حين أدعى غداة العرض ان تفعل نجوت

= والآن وأنت على فراشك تودع أهل الدنيا ويودعونك
يلطمون الخدود ويشقون الجيوب حزناً عليك وكل هذا حرام ومن أعمال الجاهلية.
فعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية .
= وقال : النائحة اذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب

= فالنياحة واللطم وشق الملابس عن الجسم
وشد الشعر حتى رفع الصوت بالبكاء على الميت حرام
ويلحق الميت من ذلك عذاب .
فقد ورد عن رسول الله أنه قال :
لعن النائحة والمستمعة – أما دمع العين وحزن القلب على الميت فمعفو عنه

= انتهى كل شيء – البكاء والصراخ والندب واللطم –
الآن ينادي الرجال بصوت مرتفع هيا -
فلقد اقترب موعد الصلاة على الميت – فيلفك أهلك بأغلى بطانية لديهم فهذا ما يستطيعون أن يقدموا لك
وأنت تروح عنهم- فلم ينفعك بكاؤهم ان بكوك-
ولم ينفعك حزنهم – تذكر يوم ولدت كان مسرورين لبكائك واليوم هاهم حزانى لفراقك
– وحتى ولو –
فلا شيء من هذا ينفعك ويخفف عنك ما سيأتيك من عذاب في قبرك
غير الذي حملت معك من صالح العمل
ولدتك أمك باكيا مستصرخا **والناس حولك يضحكون سرورا
فاحرص لنفسك أن تكون اذا بكوا**في يوم موتك ضاحكا مسرورا
والآن
رحلت الروح الى باريها - ولم يبق إلا الجسد
ها قد جاء موعد رحيل جسدك أيضا
ولكن قبل أن توضع في النعش يأتيك المغسل فيخلع عنك ملآبسك الأنيقة وتوضع فوق المغتسل
وذلك ليطهرك من كل ما حملت معك من الدنيا من أردان وأوساخ – فيضغط على بطنك ليخرج من أمعائك فضلات آخر طعام لذيذ أكلته في حياتك الدنيا
ثم يقوم بتقليبك على المغتسل ويوضؤك ويقلم أظافرك – ويغسل أعضاءك عضواً عضواً
ثم يجفف جسدك ويحشو القطن في أذنيك - ويقوم بلفك في القماش الأبيض وهو لباس خاص بأهل المقابر
فلم تعد من أهل الدنيا لترتدي غير الكفن – هنا تذكروا أيها الغني البخيل – الكفن ليس له جيوب - ثم توضع الأربطة وتحكم عليك – ها أنت جاهز الآن للرحيل الى مثواك الأخير ( القبر )
هذا سكنك الجديد – تحت التراب – فتؤخذ من غرفة نومك المكسوة بأفخر أنواع الموكيت والسجاد –
وتلقى على التراب عاريا لا يحجبك عنها سوى الكفن – ومن غرفتك الفاخرة المزينة بالعطور
ها أنت تخرج من البيت بالحناء – انتهى الأمر – حان وقت الذهاب – قم اذا استطعت

ولا أظنك تستطيع فأنت جثة هامدة لا تقوى على الحراك ولا على الحديث - نت أفها أنت تحمل بين الأيادي وتوضع في نعشك - تلك واسطة النقل الوحيدة –
البارحة فقط كنت تركب آخر موديل من السيارات الفارهة والمكيفة والمكسوة بالفرش الغالية –
والآن توضع في نعش خشبي– تسير تحت حر الشمس –
أو في البرد القارص -
لن تسير في النعش وحدك بل محمولا على الأكتاف وتسير جنازتك مخترقة الشوارع والأزقة
والمشيعون يكبرون ويهللون -
ريثما يصلون الى المسجد ليصلى عليك
ها أنت تمر بفلان كنت قد ظلمته وهضمت حقه – فالله وحده أعلم ماذا يقول في نفسه – هل يسامحك ؟؟
ويطلب لك الرحمة ؟ أم ألله أعلم
وقد تمر بفلان عطفت عليه ذات يوم وفرجت عنه كربة من كرب الدنيا - فيطلب لك الرحمة ويدعو لك –
أنظر لنفسك ما صنعت ؟
ها أنت تلقى الرد على أفعالك اما بالدعاء لك أو بالدعاء عليك فانظر أيهما تختار لنفسك ؟؟
ها أنت قد وصلت الى المسجد- وتوضع أمام المصلين
فيكبر الامام ويصلى عليك – ولا ينساك الامام من الدعاء لك بالرحمة -
والمصلون يقولون آمين يا رب العالمين -
= فاللهم ارحمنا وارحم موتانا وموتى المسلمين واغفر لهم خطاياهم واغسلهم بالثلج والبرد ونقهم من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
آمين يا رب العالمين


ألقاكم في المشهد التالي في الغد القريب بإذن الله تعالى
هذا إن عشنا ليوم الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:05 pm

المشهد العشرون
( محمولا في النعش )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها السادة الميتون عما قريب
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

لقد تم تجهيزك بأسرع ما يمكن فالاستعجال في تجهيز الميت من السنة
حيث تم في المشهد السابق غسلك وتطهيرك وتكفينك ووضع الأربطة عليك خوفا من أن يفك الكفن عنك -
والآن –ستذهب الى القبر وحدك –
ولكن لن تذهب الى القبر ماشيا على أقدامك
بل محمولا في نعشك على الأكتاف
والكل حولك يهلل ويكبر – والناس تقول مات فلان بن فلان – وهذا يقول : مسكين كيف مات ؟ البارحة فقط كان هنا وكنت اكلمه – البارحة قال لي كذا وكذا
– رحمة الله عليه –
المسكين نام ولم يصح من نومه وكان يعد اليوم أن يفعل كذا وكذا –
أذكر أنه قال لي : أريد أن أكمل تعمير الشقة لأتزوج
المسكين كان يحلم بعروسه
كيف ستزف اليه وفي أي صالة سيقيم عرسه - لقد كان صحيح الجسم مفتول العضلات – شاباً في ريعان الشباب
لا يعيبه شيء -
فسبحان من قال ( ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا تعقلون )
**تؤمل في الدنيا طويلا ولا تدري ** اذا جن الليل هل تعيش الى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة ** وكم من عليل عاش دهرا بعد دهر
وكم من فتى صحيح يصبح آمنا ** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

= روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إذا تقارب الزمان انتقى الموت خيار أمتي كما ينتقي أحدكم خيار الرطب من الطبق )
= فإنا لله وانا اليه راجعون .
إنا لله الذي أذهب عنا الأخيار وبقينا في غمار مع الأشرار
فلا للموت نعمل قبل اتيانه .. ولا أحد منا يقطع عن عصيانه-

= معاشر الموتى وأبناء الموتى أنتم موتى لا محالة وإنما سبقكم إخوانكم الى مناخ القبور-
فاذا استكمل ولد آدم من أولهم وآخرهم قام الكل للعرض والنشور على الملك شديد العقاب
على الملك الغفور- فهيا بنا نستعد جميعا لذلك المقام – ونجتنب الأوزار والآثام ولنبادر بالتوبة قبل نزول الحمام
قبل أن نحمل الى القبور فهذا الذي تأخذه الدنيا بغرورها ينسى أنه ميت بعد حين
بعدها لا يبقى أي وقت لتصحيح ما مضى ..
يدفن أمه وأباه ويواري أخته وأخاه - ويحملهم بيده الى السكن الجديد-
ويلقي بهم تحت التراب ويعود
يا مـن سينأى مسرعـاً كمـا نأى عنه أبـوه
مثل بقلبك قولهــــم جــاء اليقين فلقنــــوه
وتحللــوا من ظلمـة قبـل الفـراق وودعــوه
وينسى المسكين أن غداً قريب
سيأتي اليوم الذي يكون هو الميت وينتظرمن يلقنه الشهادتين ويغسله ويكفنه
وينسى المسكين أن قيامته تقوم عند وفاته
فيتركه الأهل والخلان والأحبة والجيران وما أن يلفظ أنفاسه حتى يسارع الكل في دفنه ومواراته تحت التراب .
حكي عن بعض الصالحين رحمة الله عليه أنه قال :
دخلت على مريض
وهو في شدة سكرات الموت فقلت له :
كيف تجدك؟ فبكى بكاء مرّاً ثم قال يرثي
نفسه متأسفا على ما مضى :
رحلت عن الدنيا وقامت قيامتي ** عداة أقل الحاملـون جنازتــي
وعجـّل أهلي حفر قبري وصيّروا ** خروجي وتعجيلي اليه كرامتي
كأنهم لم يعرفوا قط صورتي ** غداة أتــى يومي علـيّ وساعتي

= فالله الله عباد الله عظوا أنفسكم بآباكم وأحبابكم وجيرانكم وإخوانكم فان ذلك
بلاغاً لمن تذكر وعبرة لمن تفطر إخوانكم كانوا بالأمس معكم هنا كانوا يجلسون
وكذا وكذا كانوا يحبون بالأمس فقط كانوا يأكلون مما تأكلون ويلبسون مما تلبسون-
فأصبحوا اليوم وقد صارت القبور لهم بيوتاً وصاروا بين أطباق الثرى
خفوتا قد قسم الوارث أموالهم – وبكاهم الناس وتذكروا أحوالهم
وما هي إلا أيام ونسوهم وتركوهم في وحشة القبور وحدهم – لا أنيس ولا جليس-
تحوم حولهم حيات وزنابير عقارب وصراصير
صاروا طعاماً لدود الأرض
رأيت الموتى لا يبقي خليلاً ** على خل وإن عاش زمانا
فكن منه على حذر فإنـــي ** رأيـت الموت لا يعطي أمانا
أنسـنا غـُرّة منـه كأنــّـا ** بمـا نعنـي به يعنـي سوانــا
وكـم للمـوت من دار ودار ** أبـان عميرها عنا فبانـا
فكـم ذي نخـوة وعزيـز قـوم** أذل الموت عزته فهانـا
كأنـّا قد نظرنـا عن قريب ** إلى ما قـد وعدناه عيانـا

= وذكر أن شيخا من تيماء كان يجلس إليه أصحابه وهو في أشد حالات المرض
وكأنه يودّع الدنيا – فلما همّوا بالقيام من عنده قال لهم : قوموا قيام من يئسوا من المعاودة حذراً من القاطف للنفس ( ملك الموت ) ثم بكى وبكوا معه أصحابه .

= غدا سيشيع جثمان فلان إلى مثواه الأخير – ما رأيك أن ترافقه الى المقابر
وترى ما يفعل به عند إنزاله القبر وتتخيل أنك أنت المكفن المحترم وأنت الذي
سيلقى على وجهك التراب – لا تغتر بصحتك وشبابك
ستغادر المقبرة وريقك
قد جف من هول ما رأيت – فتسرع الى كوب من الماء البارد تلقيه في جوفك تخفف به عن نفسك وجع ما رأيت

= روى أيو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أول ما يحاسب بها العبد
يوم القيامة أن يقال له : ألم أصحّ جسمك وأرو ِك من الماء البارد ؟
فلا تغترّ بصحتك واحمد الله عليها وعلى هذا الماء البارد الذي سكن خوفك
غدا تموت
وكأنك لم تذق لقمة هنيئة في حياتك
وكأنك لم تشرب الماءالبارد قط
سلام على أهل القبور الدوارس ** كأنهم لم يجلسوا في المجالس
ولم يشربوا من بارد الماء شربة ** ولم يأكلوا من خير رطب ويابس
ألا خبروني أين قبر ذليلكم ** وقبر العزيز الباذخ المتنافس

فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس
الصحة والفراغ )
= وحكي عن ابن السماك :
أنه حضر يوما جنازة .. فلما نظر الى القبور بكى
وقال لأصحابه : معشر الاخوان ألا متأهبّ لموت يوصف له ويراه أمامه ؟
ألا مستعد ليوم فقره ونزوله الى حفرته وقبره ؟
ألا شاب حازم قد بارز لمنيته وما اغتر بقوته ؟
ألا شيخ قد بادر لانقضاء مدته فشمر السير فيما بقي من رمقه؟
ماذا ينتظر من دفن أباه وقبر أمه وأخاه ؟؟
ألا انما الدنيا بلاء وفتنة ** وبينا الفتى فيها مهاب مسود
إذا انقلبت عنه وزال نعيمها ** فأصبح من ترب القبور يمهد
فكن خائفاً للموت والقبر بعده **ولا تك ممن غره اليوم أو غد

قال الفضيل بن عياض :
تلقى الوالدة ولدها يوم القيامة فتقول له يا بني :
ألم يكن بطني لك وعاء ؟ ألم يكن ثديي لك سقاء ؟
ألم يكن حجري لك وطاء ؟
فيقول بلى يا أماه .. فتقول يا بني قد أثقلتني ذنوبي فتحمل عني منها ذنبا واحداً
فيقول : اليك عني فأنا مشغول بنفسي عنك يا أمي
أتركيني وحـِملي .

هذا هو حالي وحالكم – فالسلام عليكم أهل مضايق اللحود
سلام عليكم أيها الميتون عما قريب
انتهى المشهد
ألقاكم غداً بإذن الله تعالى .. هذا إن عشت ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:05 pm

المشهدالحادي والعشرون
( القبر)


في هذا المشهد نستعرض قوله تعالى:
( قتل الانسان ما أكفره .. من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره
ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم اذا شاء أنشره )

= وروي أنه بعد خروج الروح من الجسد ووضع الميت في قبره
يخرج الله اليه منكراً ونكيراً وهما ملكا القبر أسودان ازرقان يبحثان القبور بأنيابهما
ويطآن في أشعارهما
كلآمهما مثل الرعد القاصف وأبصارهما مثل البرق الخاطف
وأنفاسهما مثل لهب النار
وألوانهما مثل الليل المظلم فيقولان :
من ربك ؟ - وما دينك ؟ - ومن نبيك ؟
فيقول : الله ربي وديني الاسلام ونبيي محمد عليه الصلاة والسلام –
وأنا أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له – وأن محمدا عبده ورسوله
فيقولان له : قد علمنا أنك ستكون مؤمنا فيفتحان له بابا الى النار
فينظر ما أعد الله فيها لأهل المعصية من النقمة والعذاب
فيرفعان ذلك الباب دونه
ثم يقولان له (اذا كان مؤمنا ) :
لا تخف يا ولي الله من هذا الباب أبدا –ثم يفتحان له بابا الى الجنة –
فينظر ما أعد الله لأهل طاعته من الخير الدائم المقيم – الذي لا زوال له ولا انقطاع –فيقولان له :يا ولي الله هذا دارك وقرارك ومنزلك .

= عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما مصلاه فرأى ناسا..
فقال لهم : أما أنكم لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى الموت
فأكثروا ذكر هاذم اللذات الموت – فانه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه يقول :
أنا بيت الغربة أنا بيت الوحدة أنا بيت التراب أنا بيت الدود والهوام
فاذا دفن العبد المؤمن قال له القبر مرحبا وأهلا
أما ان كنت لمن أحب من يمشي على ظهري الي
فمذ وليتك اليوم وصرت الي فسترى صنيعي بك - قال :
فيتسع له القبر مد بصره ويفتح له باب من الجنة
واذا دفن العبد الفاجر أو الكافر
يقول القبر: لا مرحبا ولا أهلا
أما ان كنت لمن أبغض من يمشي على ظهري
فمذ وليتك اليوم وصرت الي فسترى صنيعي بك –
فيلتئم عليه القبر حتى يلتقي ويختلف أضلاعه –
قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم باصابع يديه فشبكها
ثم يقيض له تسعون تنينا أو قال تسعة وتسعون
لو أن واحدا منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئا ما بقيت الدنيا
فينهشه ويخدشه حتى يقضى به الى الحساب
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( انما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار )

= ويروى عن عثمان بن عفان كان اذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له :
تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتذكر القبر فتبكي –
فقال : اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
القبر أول منزل من منازل الآخرة فان نجا منه فما أيسر منه
وإن لم ينج فما بعده أشد منه – وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه
فان تنج منها تنج من ذي عظيمة ***** وإلا فاني لا أخالك ناجيا

= وقال عمر بن عبد العزيز لبعض جلسائه :
يا فلان لقد أرقت الليلة أتفكر في القبور وساكنيها
إنك لو رأيت الميت بعد ثلاثة في قبره لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك به
ولو رأيت بيتا تجول فيه الهوام ويجري فيه الصديد وتخرقه الديدان مع تغير الريح
وبلى الأكفان بعد حسن الهيئة وطيب الريح ونقاء الثوب
ثم شهق شهقة خر مغشياً عليه .

= ذكر في بعض الأخبار إن الانسان إذا وضع في قبره تناديه الملائكة :
يا عبد الله أنت تركت الدنيا أم الدنيا تركتك ؟
أنت جمعت الدنيا أم الدنيا جمعتك ؟
أنت استعددت للمنية أم المنية غافصتك
خلقت من التراب وأعدت للتراب

خلقت من التراب بغير ذنب*** وعدت الى التراب ولي ذنوب
فما لي لا أجاهد في خلاصي *** بعزم للمعاصي لا أتــــــوب
ومالي أثقلــت ظهـري ذنوب *** ومنـــها لا أمــل ولا أنيـــب
ومالي لا أرق لسوء حالـــي ***ومن نفسي علي غدا رقيب
ومالي مبعـد مقصى طريـــــد *** وفي كل القبائح لي ضروب
فيا من ليس لي رب ســــواه *** عليــم بالذي أدعــو يجيــب
تجاوز يا إلهي عن ضعيــــف *** بغفــران لعلي عسى أتـوب

= وحكي عن بعض العارفين أنه قال :
إن الله سبحانه وتعالى يسر الى عبده سرين يخبره بذلك بالهام يلهمه
أحدهما اذا ولد وخرج من ظلمة بطن أمه يقول له :
عبدي قد أخرجتك الى الدنيا طاهراً نقياً نظيفاً
وسر عند خروج روحه يقول له :
عبدي ما صنعت في أمانتي عندك
هل حفظتها حتى تلقاني على الوفاء والعهد والرعاية فألقاك بالوفاء والجزاء
أو ضيعتها فألقاك بالمطالبة والعذاب

= قيل : كان الحسين رضي الله عنه اذا رأى القبور قال :
ما أحسن ظواهرها .. وانما الدواهي في بطونها .

أنا لكم اخوتي نذير*** من هول ماضمّت القبور
عاينت ما لم تعاينوه ***وانما يبتلـى الخبيــــــر
ان الذي حل بي جليل***جدا فقد أعـذر النذيـــر
فانما أنت في غرور *** فلا يغـرنــك الغـــرور
فان قدامــك المنايا *** والقبـر والبعث والنشور
إما إلى جنة وإمـــا *** إلـى جحيـم لهـا وسعير

= والقبور تنتظر أصحابها
والأرض قد ترحب بالميت وقد تلفظه - فان كان مؤمناً صادقاً
أسرعت الجنازة بصاحبها
حتى أنه يقال ان جنازة فلان من الناس كانت خفيفة الحمل على الأكتاف
وكانت تطير طيرانا

وقال سنيد بن داود : كنا بعبادان- فقدم علينا شاب من أهل الكوفة متعبداً
فمات بها من شدة الحر
فقلت : نبرد ثم نأخذ في جهازه –أي نجهزه للدفن
فنمت فرأيت كأني في المقابر فاذا بقبة جوهر تتلألأ حسناً
وأنا أنظر اليها اذا انفلقت فأشرقت فيها جارية ما رأيت مثل حسنها فأقبلت علي فقالت:
بالله لا تحبسه عنا إلى الظهر
قال : فانتبهت فزعاً وأخذت في جهازه
وحفرت له قبراً في الموضع الذي رأيت فيه القبة فدفنته فيها

( قصة عزاء عمر لأهل ميت )
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
القبر روضة من رياض الجنة – أو حفرة من حفر النار
ألا وانه ليتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول أنا بيت الظلمة
أنا بيت الوحشة – أنا بيت الدود )

انتهى المشهد
ألقاكم في الغد القريب .. هذا إن عشنا ليوم الغد .. لا تنسوني من الدعاء

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:07 pm

المشهد الثاني والعشرون من مشاهد الرحلة
( أول ليلة في القبر )


السلام عليكم أيها السادة الأحياء الميتون عما قريب وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

الآن وصلنا الى المقابر.. واقتربت من مثواك الأخير
أنت الآن على شفا حفرة القبر وقد جهزه لك الأهل واحتفروه لك منذ الصباح
ونظفوه منذ الصباح استعدادا لهذه اللحظة –
وأزالوا منه بقايا عظام لأناس ماتوا قبلك وصارت عظامهم بالية
ها هو الملحد ينزع الغطاء عنك الذي غطوك به وأنت في النعش – وتحمل بين أيديهم ليلقوك في القبر
فيفك الأربطة ويوجه وجهك الى القبلة
ونذكرك اذا كنت من المؤمنين حمل الملائكة روحك حتى يصلوا بها الى السماء السابعة
فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين
فيكتب كتابك في عليين – ثم يقول الله عز وجل :
أعيدوه الى الأرض .. فاني وعدتهم أني منها خلقتهم
وفيها أعيدهم - ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال عليه السلام : فيرد الى الأرض وتعاد روحه في جسده ثم قال : فانه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولـّوا عنه مدبرين )

الآن هيل عليك التراب وسُدّت المنافذ عليك وقد يقفون
بعد ذلك للحظات يقرؤون على روحك الفاتحة
ويستغفرون لك - وبعد ذلك سيغادرونك .
تذكر ليس كلهم يقفون بقربك – فهناك الكثيرون يقفون من بعيد ولا يرون ما يصنع بالميت لأنهم يخافون من منظرك ويرتعدون من رؤية القبر – ولا يحبون مثل هذه المشاهد
وقد يتلهون بأحاديث جانبية ليس لها علآقة بك
وقد يذكرونك بخير
وقد يعددون مناقبك ومحاسنك
وقد يستذكرون مواقفك السيئة
بكل الأحوال الجميع يتركون المقبرة ويبتعدون وينشغلون ويغادرك أهلك أصحابك ولم يتركوا لك سوى وقع نعالهم ولا تدري بعد أن يتركوك هل يذكرونك ؟
هل يزورونك ؟
هل يجفونك ؟؟
ويذكر أن الميت اذا وضع في قبره – وسُوي عليه التراب
لسان حالك في هذه الأثناء يتساءل ويقول :

كأني باخواني على حافة قبري **يهيلونه فوقي وأدمعهم تجري
عفا الله عني حين أترك ثاويا **أزار فلا أدري وأجفى فلا أدري


= ها قد هيل عليك التراب وسدت الثقوب كلها عليك من كل الجوانب -

وقرأ المشيعون الفاتحة على روحك ودعوا لك بالرحمة – ها هم يغادرونك – يقول المشيعون : انصرفوا آجركم الله –
ويقال .. يقول الميت ( اذا كان من أهل الشقاء ) :
يا ليتني مع من انصرف - فأعود معهم الى بيتي وأصلح عملي لعظم ما يعاين من هول المطلع –

= ويقال : ان أصحاب المرء ثلاثة : ماله وأهله وعمله - أما الصاحب الأول وهو ماله يصحبه معه في الدنيا ويتركه خلفه عندما يدفن في قبره
والثاني وهو أهله يصحبه في الدنيا ويوصله الى القبر ويتركه ويعود من دونه
والثالث وهو عمله يصحبه في الدنيا ويبقى معه في قبره –

= فماذا ترى – مَنْ مِنْ هؤلاء الأصحاب تحبه وتخلص له أكثر – الذي يصحبك في الدنيا ويتركك عند دفنك ؟
أم الذي يصحبك في الدنيا ويوصلك الى القبر فيدفنك ويعود ؟
أم الذي يصحبك في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة ؟
بالتأكيد ان أعز الأصحاب هو عملك
فلا مالك تصدق في صحبته لأنك تتركه خلفك
ولا أهلك يصدقون في صحبتك لأنهم يودعونك القبر وينصرفون عنك ولا يبقى واحد منهم معك مهما كان محبا لك
فقط هو عملك الذي يصدقك فيبقى معك في الدنيا ويرافقك ويجلس معك ولا يغادرك .

ألهى جهولا أمله يموت من جا أجله
ومن دنا من حتفه لم تغن عنه حيله
وكيف يبقى آخر من مات عنه أوله
والمرء لا يصحبه في القبر إلا عمله

= وجاء الليل بسكونه – يا سبحان الله – ليلة البارحة كنت تنام بحضن زوجتك
وتستدفيء بحنانها
واليوم أنت تحضن التراب أو التراب يحتضنك
تنام وحيدا في قبرك
البارحة كنت تنام على فراش وثير وصوت الموسيقى الهادئة – واليوم تنام على التراب والحصى وأصوات صراصيرالليل وأطيط هوام الأرض وهي تحوم حولك تستعد لوجبة دسمة

الهي رحمتك بالميت ما أوحش هذه الليلة وما أشد قسوتها –

= قيل انه لا يأتي على الميت في قبره أشد وأصعب من أول ليلة يبيت فيه
فمن تفقد ميته في أول ليلة بشيء من الصدقة
والا فليصل ركعتين وليهد ثوابهما لميته
يرفع الله عن ميته ما يجد من الغم والوحشة في تلك الليلةويكتب الله للمصلين عبادة ستين سنة بقيامها وصيامه


والله لو عاش الفتى من دهره ألفا من الأعوام مالك أمره
متلذذا فيه بكل هنية ومبلغا كل المنى من دهره
لا يعرف الالام فيها مرة كلا ولا جرت الهموم بفكره
ما كان ذاك يفيده من عظم ما يلقى بأول ليلة في قبره
= وتغيب شمس الدنيا ويجن الليل فتظهر حيوانات الليل– فالذئاب تعوي والكلاب تنبح والقطط تموء
وتنتشر صراصير الليل – والميت لا يقدر على الحراك
موسد في قبره ينتظر ما يلقاه تحت الأرض في حياة البرزخ الى أن تقوم الساعة للقاء ربه-
لا يبيت بالقرب منه إلا عمله
ان كان خير فخير وان كان شرا فلا يلومن إلا نفسه
وليس له في هذه الأوقات القاسية إلا رحمة الله تعالى
ولسان حاله يقول :

أنا في القبر رهين قد تبرأ الأهل مني
أسلموني لذنوبي حيث ان لم تعف عني
فارحم اليوم مشيبي وارحم اللهم سني
وارحم اللهم ضعفي لا تخيب اليوم ظني

= وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ويمثل له رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح
فيقول : أبشر بالذي يسوءك - هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : وأنت فبشرك الله بالشر من أنت ؟
فوجهك الوجه يجيء بالشر- فيقول أنا عملك الخبيث-
فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئا عن طاعة الله –
سريعا الى معصية الله – فجزاك الله شرا
ثم يقيض له أعمى أصم أبكم - في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا -
ثم يعيده الله كما كان – فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين – ثم يفتح له باب من النار – ويمهد له فراش من النار )
أما اذا كان من المؤمنين الصالحين فحاله نقيض ذلك تماما

= وعن عثمان بن عفان قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :
استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فانه الآن يسأل )


والتثبيت من الله تعالى لمن يشاء من عباده بالقول الثابت عند سؤال الملكين منكر ونكير له ..
فاللهم نسألك القول الثابت في القبور عند السؤال وعند الاجابة

انتهى المشهد
غداً ألقاكم .. بإذن الله .. هذا إن عشت ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء
والسلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 1322
تاريخ التسجيل : 31/01/2022

رحلة إلى المقابر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة إلى المقابر    رحلة إلى المقابر  Emptyالإثنين يناير 31, 2022 11:08 pm

المشهد الثالث والعشرون ( القبر)

السلام عليكم أيها السادة الأحياء الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

البارحة دفن الميت في قبره.. ومضت أول ليلة من لياليه في القبر وهي أوحش الليالي وأقساها على الميت
فها قد سكنت القبر تجاور الأموات منتظراً النفخة الأولى يوم البعث والنشور

*حكي عن بعض الصالحين رحمه الله تعالى حضر جنازة
فلما وضعوها في قبرها وانصرفوا عنها -
وقف على قبر صديق له فناداه يا حبيب-
يا فلان الصديق – فلم يجبه أحد – فقال :
أحبيبي مالك لا تجيب مناديا أنسيت بعدي جملة الأحباب
فأجابه مجيب يسمع صوته ولا يرى شخصه يقول :
قل للحبيب وكيف لي بجوابكم وأنا رهين جنادل وتراب
أكل التراب محاسني ونسيتكم وحجبت عن أهلي وعن أحبابي
فعليكم مني السلام تقطعت مني ومنكم عقدة الأنساب

= روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :
أرحم ما يكون المولى عز وجل بعبده اذا دخل قبره -
وتفرق الناس وأهله – فمن أكثر من ذكره وجده روضة من رياض الجنة ,.
وما من يوم إلا والأرض تنادي بخمس كلمات :
يا ابن آدم تمشي على ظهري ومصيرك الى بطني –
يا ابن آدم تضحك على ظهري وسوف تبكي في بطني
يا ابن آدم تفرح على ظهري وسوف تحزن في بطني –
يا ابن آدم تذنب على ظهري وسوف تعذب في بطني – يا ابن آدم تأكل الحرام على ظهري وسوف يأكلك الدود في بطني –
يا ابن آدم كم من محسود في حياته يود إذ نزل في حفرته لو كان كل ما جمعه وخلفه لأعدائه وحساده؟
فكم من تارك لعياله ما يصلحهم لمعادهم ويكون هو في قبره أو رمسه مثبورا -

أخي الميت عما قريب..
تفكر في تلك الأكفان وتغير الروائح وصولة الديدان ونهش العقارب والحيات
وجسدك تحت أطباق الثرى وفي الظلمات
وانظروا الى أحبابكم كيف بسطوا في الأرماس
وكيف عدموا الأناس والحراس
وكيف سكنت حركاتهم وانقطعت منهم الأنفاس .

= وتبدأ ديدان الأرض بالزحف على جسد الميت
وكأنها مدعوة على وليمة

فيروى أن أول ما تبدأ الديدان بأكله من جسد الميت الحدقتين وما هي إلا أيام حتى يصبح الميت جيفة ذا رائحة نتنة
تشمئز منها النفوس – وتأنف منها الأنوف –
ويمتلىء البطن بالهواء وينتفخ وينتفخ حتى ينفجر فتخرج امعاؤه وأحشاؤه ويجتمع هوام الأرض حوله ليأكلوا هذا الجسد المسجى في قبره
حتى لا يبقوا من جسده لقمة ويتحلل الجسم .

= ويروى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال مرة لبعض جلسائه : لقد أرقت الليلة مفكراً
قال : وفيم يا أمير المؤمنين ؟
قال : في القبر وساكنه .. إنك لو رأيت الميت بعد ثلاث في قبره وما صار إليه
لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس بناحيته ولو رأيت بيتاً تحوم فيه الهوام وتخترقه الديدان ويجري فيه الصديد
مع تغير الريح وبلي الأكفان بعد حسن الهيئة وطيب الريح ونقاء الثوب
قيل : ثم شهق شهقة خر مغشياً عليه

يا رب جد لي اذا ما ضمني جدثي** برحمة منك تنجيني من النار
أحسن جواري اذا أمسيت جارك **بلحدي فانك قد أوصيت بالجار

= ثم يذوب العظم في التراب – إلا عظمة واحدة هي عجب الذنب وهي عظمة العصعص –
حيث منها يعاد خلق الانسان وتكوينه من جديد يوم البعث حيث تعود كل روح للجسد التي كانت فيه قبل الممات
ويعود حيا من جديد للوقوف بين يدي الله تعالى يوم الحشر

فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إن في الانسان عظما لا تأكله الأرض أبدا – فيه يركب يوم القيامة
قالوا : أي عظم هو يا رسول الله ؟
قال : عجب الذنب
- وعجب الذنب هي عظمة العصعص -
منها يعود الانسان يوم القيامة .

أخلق الموت جدتي ومحاسني البلى
صرت بين النعيم في منزل البعد والقلى
وجفاني أحبتي حين غيبت في الفلا

= وفي ذلك روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه خرج يوماً في جنازة
فلما دفنت قال لأصحابه : قفوا
حتى أتى على قبور الأحبة – فأتاهم فجعل يبكي ويدعو
اذ هتف به التراب فقال :
يا عمر ألا تسألني ما فعلت في الأحبة ؟
قال : وما فعلت بهم ؟
قال التراب : مزقت الأكفان وأكلت اللحوم وشدخت المقلتين – وأكلت الحدقتين – ونزعت الكفين من الساعدين – والساعدين من العضدين – والعضدين من المنكبين – والمنكبين من الصلب- والقدمين من الساقين – والساقين من الفخدين – والفخدين من الورك والورك من الصلب – فلما أراد أن يذهب – قال له التراب : يا عمر – أدلك على أكفان لا تبلى ؟
قال: وما هي ؟ قال : تقوى الله والعمل الصالح .

= نعم هكذا يفعل التراب بابن آدم –
يمزق الأكفان ويأكل اللحوم ويشدخ المقلتين ويلتهم الحدقتين وينزع الكفين من الساعدين حتى يصل الى الصلب –
ثم ينزع القدمين من الفخدين وهكذا حتى يصل الى الصلب –

= أيها المسكين – هكذا يفعل بك في قبرك -
فكيف تتمسك بالدنيا وتفخر على الناس بنفسك وما لديك وأنت في نهايتك جيفة ولا تملك لنفسك شيئاً
عجبت للإنسان في فخره ***وهو غداً في قبره يقبر
ما بال من أوله نطفة ***وجيفة آخره كيف يفخر
أصبح لا يملك تقديم ما*** يرجو ولا تأخير ما يحذر
وأصبح الأمر الى غيره ***في كل ما يقضى ويقدر

= الكل يأكله الدود ويتعفن ويصبح أنتن من جيفة
إلا البعض القليل فالصالح منا
لا تأكلهم ديدان الأرض ولا تمزق أكفانهم عنهم
وحكايات كثيرة تروى في ذلك بأنه عندما جيء بفلان الى قبره ليدفن مع فلان الميت منذ عشرات السنين –
واذ بالميت كما هو لم تقترب منه الديدان ولم تأكل منه شيئا

* وقال ميمون بن مهران :
خرجت مع عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الى القبور
فقال لي : يا أبا أيوب – هذه قبور أبائي من بني أمية
كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشهم
أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات -
واستحكم فيهم البلاء
ثم بكى وبكى حتى غشي عليه
ثم أفاق فقال : انطلقوا بنا – فوالله لا أعلم أحد أنعم ممن صار الى هذه القبور –
وقد أمن من عذاب الله – ينتظر ثواب الله –

= هذا هو حال الآنسان كأن لم يكن شيئاً – عاش في الدنيا وكأنه لم يلبث فيها إلا ساعة ليس أكثر – يقول الله تبارك وتعالى في كتابه ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم ) صدق الله العظيم
= نعم كأنها ساعة من النهار تعارفنا على بعضنا البعض ثم افترقنا وفرقنا الموت وشتت شملنا وهدم جمعنا فسبحان الذي قهر عباده بالموت

انتهى المشهد
ألقاكم غداً .. هذا إن عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nareman.ahlamontada.com
 
رحلة إلى المقابر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جفرا الثقافية والأدبية :: الفئة الأولى :: المنتدى الرئيسي :: جفرا الإسلامي-
انتقل الى: