أول إعلان شعري في التاريخ – قل للمليحة في الخمار الاسود
قال الأصمعي: قدم عراقي بعدل من خمر العراق الى المدينة، فباعها كلها إلا السود، فشكا ذلك الى الدارمي، وكان قد تنسك وترك الشعر ولزم المسجد فقال: ما تجعل لي على أن أحتال لك بحيلة حتى تبيعها كلّها على حكمك؟ قال: ما شئت!! قال: فعمد الدارمي إلى ثياب نسكه! فألقاها عنه وعاد إلى مثل شأنه الاول، وقال شعرا ورفعه إلى صديق له من المغنين، فغنى به وكان الشعر:
قُلْ للمَليحَةِ في الخِمارِ الأسودِ ماذا فَعَلتِ بِزاهِدٍ مُتَعبِّدِ
قَد كان شَمَّرَ للصلاةِ إزارَهُ حَتى قَعَدتِ لَه بِبابِ المَسجدِ
رُدِّي عَلَيهِ صَلاتَهُ وصيامَهُ لا تَقتُليهِ بِحَقِّ دِينِ مُحَمَّدِ
— مسكين الدارمي
فشاع هذا الغناء في المدينة: وقالوا: قد رجع الدارمي وعشق صاحبة الخمار الأسود. فلم تبق مليحة بالمدينة إلا اشترت خمارًا أسود، وباع التاجر جميع ما كان معه؛ فجعل إخوان الدارمي من النساك يلقون الدارمي فيقولون: ماذا صنعت؟
فيقول: ستعلمون نبأه بعد حين. فلما أنفذ العراقي ما كان معه، رجع الدارمي إلى نسكه ولبس ثيابه.
___________________________